المقدمة
  
المقدمة
  أحمد اللّه على جزيل نعمائه، وأشكره شكر المعترف بمننه وآلائه، وأصلّي وأسلم على صفوة أنبيائه، وعلى آله وصحبه وأوليائه.
  وبعد، فهذا كتاب «شرح قطر الندى، وبلّ الصدى» أحد تصانيف الإمام أبي محمد عبد اللّه جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد اللّه بن هشام، الأنصاري، المصري، المتوفى في ذي القعدة من سنة ٧٦١ من الهجرة، وهو أحد كتب العربية التي أولعت بها منذ الصغر، وأحد الكتب التي كان لها في نشأتي العلمية أجمل الأثر؛ فاللّه يعلم أني انتفعت به في زمن الحداثة انتفاعا كان له أثر جدّ واضح في ميولي ونزعاتي العلمية، وإنني ما زلت أجد في نفسي آثار هذا الانتفاع القديم عهده إلى اليوم، وإنّ من علائم صدق هذه الدعوى ومطابقتها للحقيقة الواقعة أنك قلّما رأيت امرأ من ذوي الرأي والمكانة سبقت له بالكتاب معرفة إلا وجدته كثير الإطراء له، والثناء عليه، والإشادة بذكره، ووجدته - مع شديد الأسف - يحمل على تحلئة الشادين عنه وصدّهم عن الانتفاع به، بما شوّه الناشرون من محاسنه حتى ظهر للناس في مرأى يلفت العيون عنه، ويجافي النفوس عن الطمأنينة إليه، وهذا - مع الألم الشديد - أمر لا يختصّ كتابا من كتب أسلافنا، ولا ينفرد به أثر من آثارهم النفيسة، بل إنك لا تقع عينك - إلا في القليل النادر - على كتاب من كتبهم قد عني ناشره بإخراجه على وجه يسرك إذا نظرت إليه، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل!.
  لذلك لم أجد بدّا من القيام على هذا الكتاب: بضبط متنه وأمثلته وشواهده من القرآن الكريم والحديث النبويّ والشعر العربي، ثم بشرح أبياته شرحا وسطا بين الوجيز المخلّ والبسيط المملّ، مع إعراب الأبيات إعرابا كاملا، وأدّيت ذلك كلّه بعبارة سهلة وأسلوب قريب المتناول؛ إذ كان قصدي أن يتفهّمه المبتدئون في علم العربية ومن في حكمهم، وكان من أهم ما بعثني إلى هذا العلم الرغبة في أن أضع لبنة في إصلاح الجامع