شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[قد يكون الحال أو التمييز مؤكدا]

صفحة 269 - الجزء 1

  وقد أشرت بقولي: «وأكثر وقوعه» إلى أن تمييز الفرد لا يختص بالوقوع بعد المقادير.

  ومفسر النّسبة على قسمين: محوّل، وغير محوّل.

  فالمحوّل على ثلاثة أقسام: محوّل عن الفاعل، نحو {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}⁣(⁣١) أصله: اشتعل شيب الرّأس؛ فجعل المضاف إليه فاعلا، والمضاف تمييزا؛ ومحوّل عن المفعول، نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً}⁣(⁣٢) أصله: وفجرنا عيون الأرض، ففعل فيه مثل ما ذكرنا، ومحوّل عن مضاف غيرهما، وذلك بعد أفعل التفضيل المخبر به عما هو مغاير للتمييز، وذلك كقولك: «زيد أكثر منك علما» أصله: علم زيد أكثر، وكقوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً}⁣(⁣٣) فإن كان الواقع بعد أفعل التفصيل هو عين المخبر عنه وجب خفضه بالإضافة، كقولك: «مال زيد أكثر مال» إلا إن كان أفعل التفضيل مضافا إلى غيره فينصب، نحو: «زيد أكثر الناس مالا».

[قد يكون الحال أو التمييز مؤكدا]

  وقد يقع كل من الحال والتمييز مؤكّدا غير مبين لهيئة ولا ذات.

  مثال ذلك في الحال قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}⁣(⁣٤) {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}⁣(⁣٥) {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}⁣(⁣٦) {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً}⁣(⁣٧) وقال الشاعر:

  ١٠٦ - وتضيء في وجه الظّلام منيرة ... كجمانة البحريّ سلّ نظامها


(١) من الآية ٤ من سورة مريم.

(٢) من الآية ١٢ من سورة القمر.

(٣) من الآية ٣٤ من سورة الكهف.

(٤) من الآية ٦٠ من سورة البقرة.

(٥) من الآية ٢٥ من سورة التوبة.

(٦) من الآية ٣٣ من سورة مريم.

(٧) من الآية ١٩ من سورة النمل.

١٠٦ - هذا البيت من كلام لبيد بن ربيعة العامري، من معلقته المشهورة، من أبيات يصف فيها بقرة من بقر الوحش.

اللغة: «تضيء» يريد أنها شديدة البياض «وجه الظلام» أوله «جمانة» بضم الجيم - اللؤلؤة الصغيرة «البحري» أراد به الغواص «نظامها» أي: خيطها. =