شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[متى تكون «ذا» موصولة؟]

صفحة 128 - الجزء 1

  أي: ما الذي أنزل ربكم؟ ومن الذي قالها؟.

  فإن لم يدخل عليها شيء من ذلك فهي اسم إشارة، ولا يجوز أن تكون موصولة، خلافا للكوفيين، واستدلّوا بقوله:

  ٣٣ - عدس، ما لعبّاد عليك إمارة ... أمنت، وهذا تحملين طليق


= بأن المضمرة جوازا بعد لام التعليل، وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره «من» اسم استفهام مبتدأ مبني على السكون في محل رفع «ذا» اسم موصول خبر المبتدأ مبني على السكون في محل رفع أيضا «قالها» قال: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ذا، وها: ضمير عائد إلى قصيدة مفعول به مبني على السكون في محل نصب، وجملة الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول وجملة المبتدأ والخبر وما يرتبط بها في محل رفع نائب الفاعل ليقال.

الشاهد فيه: قوله «من ذا قالها» فإنه استعمل «ذا» اسما موصولا بمعنى الذي، بعد «من» الاستفهامية، وجاء له بصلة هي قوله: «قالها» والعائد إلى الاسم الموصول هو الضمير المستتر الواقع فاعلا لقال، كما اتضح من الإعراب.

وقد استشهد العلماء لمجيء «ذا» اسما موصولا مسبوقا بما الاستفهامية بقول لبيد بن ربيعة العامري:

ألا تسألان المرء ما ذا يحاول؟ ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل؟

٣٣ - هذا البيت من كلمة ليزيد بن مفرغ الحميري، يقولها وقد خرج من سجن عبيد اللّه بن زياد أخي عباد ابن زياد والي سجستان في عهد معاوية بن أبي سفيان، وقد أنشد المؤلف عجزه في كتابه شذور الذهب (رقم ٦٩) وأنشده مرتين في كتابه أوضح المسالك إحداهما في باب الموصول، والثانية في باب الحال، وأنشد صدره وحده في ذلك الكتاب في باب أسماء الأصوات، وأنشده الأشموني في باب الموصول (رقم ١٠٤). وقد شرحناه هناك شرحا وافيا، وذكرنا قصته، فارجع إليه في المواضع التي أحلناك عليها إن شئت.

اللغة: «عدس» اسم صوت يزجر به الفرس، وربما أطلق بعض الشعراء كلمة عدس فجعلها اسما للفرس نفسه، كما قال:

إذا حملت بزّتي على عدس ... فما أبالي من مضى ومن جلس

«عباد» هو عباد بن زياد «أمنت» أراد أنك قد صرت في مكان بعيد عن أن تنالك فيه يد عباد، ويروى «نجوت»، «وهذا تحملين طليق» أي: والذي تحملينه طليق، يريد نفسه.

المعنى: يخاطب فرسه ويزجرها، ويدفع عنها الخوف، ويقول لها: لا تخافي فقد خرجنا من البلاد التي لعباد إمارة عليها، وصرنا بمنجى منه.

الإعراب: قد اختلف الكوفيون والبصريون في إعراب هذا البيت، فلا بد لنا من إعرابه على طريقة الكوفيين أولا، ثم نعربه بعد ذلك على طريقة البصريين؛ لأن بيان الاستشهاد وتقرير رد المؤلف على =