شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[حذف العائد، ومواضعه]

صفحة 130 - الجزء 1

  فأما الصلة فهي على ضربين: جملة⁣(⁣١)، وشبه جملة، والجملة على ضربين:

  اسمية، وفعلية.

  وشرطها أمران؛ أحدهما: أن تكون خبريّة، أعني محتملة للصدق والكذب⁣(⁣٢)؛ فلا يجوز «جاء الذي اضربه» ولا «جاء الذي بعتكه» إذا قصدت به الإنشاء بخلاف «جاء الذي أبوه قائم» و «جاء الذي ضربته».

  والثاني: أن تكون مشتملة على ضمير مطابق للموصول: في إفراده، وتثنيته، وجمعه، وتذكيره، وتأنيثه، نحو «جاء الذي أكرمته» و «جاءت التي أكرمتها» و «جاء اللّذان أكرمتهما» و «جاءت اللّتان أكرمتهما» و «جاء الذين أكرمتهم» و «[جاء] اللاتي أكرمتهنّ»⁣(⁣٢).

[حذف العائد، ومواضعه]

  وقد يحذف الضمير، سواء كان مرفوعا، نحو قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ


(١) قد تحذف الجملة الواقعة صلة للموصول، وهي مقصودة مرادة، ومن ذلك قول الشاعر:

نحن الأولى فاجمع جمو ... عك ثمّ وجّههم إلينا

ويريد نحن الأولى عرفوا بالشجاعة والإقدام على المكروه وعدم احتمال الضيم.

ومنه قولهم في المثل «بعد اللتيا واللتيا» أي بعد اللتيا صغرت واللتيا عظمت، فالتصغير في الأول للتحقير، وفي الثاني للتعظيم، وقد قال الراجز:

بعد اللّتيّا واللّتيّا والّتي ... إذا علتها أنفس تردّت

وقال الآخر:

من اللّواتي والّتي واللّاتي ... زعمن أنّي كبرت لداتي

(الشعراء ١/ ٨٨)

وقد يحذف الاسم الموصول وتبقى صلته فتدل عليه وتشير إليه، وذلك نحو قول الشاعر:

فو اللّه ما نلتم وما نيل منكم ... بمعتدل وفق ولا متقارب

يريد ما الذي نلتم وما الذي نيل منكم؛ فما نافية بدليل دخول الباء في الخبر، وجملة «نلتم» صلة موصول محذوف، وتقديره ما الذي نلتم، كما ذكرنا.

(٢) وبقي مما يشترط في جملة الصلة ولم يذكره المؤلف شرطان:

الأول: أن تكون معهودة، لأن تعريف الموصول بها، ويجوز إبهامها في مقام التفخيم والتهويل نحو قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ}.

الثاني: ألا تكون مستدعية لكلام يقع قبلها، فلا يجوز أن يقال: جاء الذي لكنه بخيل، لأن وضع «لكن» للاستدراك على كلام سابق.