شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[إن كان الفاعل مؤنثا أنث له الفعل]

صفحة 206 - الجزء 1

  كقوله عليه الصلاة والسّلام: «أو مخرجيّ هم؟» قال ذلك لما قال له ورقة بن نوفل:

  وددت أن أكون معك إذ يخرجك قومك، والأصل: أو مخرجوي هم؟ فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء⁣(⁣١)، والأكثر أن يقال: يتعاقب فيكم ملائكة، أو مخرجي هم؟ - بتخفيف الياء.

[إن كان الفاعل مؤنثا أنث له الفعل]

  (٣) والثالث: أنه إذا كان مؤنثا لحق عامله تاء التأنيث الساكنة إن كان فعلا ماضيا، أو المتحركة إن كان وصفا؛ فتقول: «قامت هند»، و «زيد قائمة أمّه».

  ثم تارة يكون إلحاق التاء جائزا، وتارة يكون واجبا.

  فالجائز في أربع مسائل، إحداها: أن يكون المؤنث اسما ظاهرا مجازيّ التأنيث، ونعني به ما لا فرج له، تقول: طلعت الشّمس، وطلع الشّمس، والأول أرجح، قال اللّه تعالى: {قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ}⁣(⁣٢) وفي آية أخرى: {فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ}⁣(⁣٣) والثانية: أن يكون المؤنث [اسما ظاهرا] حقيقيّ التأنيث، وهو منفصل من العامل بغير إلا، وذلك كقولك:

  «حضرت القاضي امرأة» ويجوز: «حضر القاضي امرأة» والأول أفصح، والثالثة: أن يكون العامل نعم أو بئس، نحو: «نعمت المرأة هند» و «نعم المرأة هند»، والرابعة: أن يكون الفاعل جمعا، نحو: «جاء الزّيود» و «جاءت الزّيود» و «جاءت الهنود» و «جاء الهنود»؛ فمن أنّث فعلى معنى الجماعة، ومن ذكّر فعلى معنى الجمع، ويستثنى من ذلك جمعا التصحيح، فإنه يحكم لهما بحكم مفرديهما؛ فتقول: «جاءت الهندات» بالتاء لا غير، كما تفعل في «جاءت هند» و «قام الزّيدون» بترك التاء لا غير؛ كما تفعل في «قام زيد».

  والواجب فيما عدا ذلك، وهو مسألتان:

  إحداهما: المؤنث الحقيقيّ التأنيث الذي ليس مفصولا ولا واقعا بعد نعم أو بئس، نحو: {إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ}⁣(⁣٤).


(١) ثم كسر ما قبل الياء للمناسبة.

(٢) من الآية ٥٧ من سورة يونس.

(٣) وردت هذه الجملة في الآيتين ٧٣، ٨٥ من سورة الأعراف، وكلتا هما بتأنيث الفعل بالتاء، وفي الآية ١٥٧ من سورة الأنعام {جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ} بحذف التاء.

(٤) من الآية ٣٥ من سورة آل عمران.