شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المستغاث به: معناه]

صفحة 245 - الجزء 1

  ٩٤ - يا لقومي ويا لأمثال قومي ... لأناس عتوّهم في ازدياد

  وإن لم تعد «يا» كسرت لام المعطوف، كقوله:

  ٩٥ - يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب ... يا للكهول وللشّبّان للعجب


٩٤ - هذا البيت من الشواهد التي لم يتيسر لي معرفة قائلها، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٤٧).

اللغة: «عتوهم» العتو - بضم العين والتاء وتشديد الواو - الاستكبار، والتمرد على الحق، وعدم الخضوع له.

المعنى: إني أستغيث بقومي وبأقوام يماثلون قومي في العديد والعدة وفي الاستجابة لمن يدعوهم ونجدة من يستغيث بهم؛ ليدفعوا عني قوما ما يزال طغيانهم يتزايد، وشرهم يتفاقم.

الإعراب: «يا» حرف نداء واستغاثة «لقومي» اللام حرف جر، قوم: مجرور باللام، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، والجار والمجرور متعلق بيا عند ابن جني؛ لأنها حرف من حروف المعاني أشرب معنى الفعل، ومتعلق بالفعل المحذوف الذي دلت يا عليه عند ابن الصائغ وابن عصفور تبعا لشيخ النحاة سيبويه.

فإن قلت: هذا الفعل الذي تدل عليه «يا» هو أدعو، وهو يتعدى بنفسه، نقول أدعوك، وأدعو قومي، ونحو ذلك، فكيف تعدى في هذا الباب باللام؟

قلت: الجواب على ذلك من وجهين:

الأول: أنا ضمّنّا هذا الفعل معنى ألتجئ أو أعجب أو نحوهما، وهذه الأفعال تتعدى باللام كما هو ظاهر، والتضمين في اللغة العربية باب واسع كثير الشواهد.

الوجه الثاني: أن هذا الفعل لما كان في هذا الموضع واجب الحذف قد أصبح ضعيفا عن العمل بنفسه، فجئنا باللام لتقويته.

«ويا لأمثال» الواو عاطفة، ويا: حرف نداء واستغاثة، واللام جارة، وأمثال: مجرور باللام، والجار والمجرور متعلق بيا أو بالفعل المحذوف، على نحو ما تقدم، وأمثال مضاف وقوم من «قومي» مضاف إليه، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «لأناس» جار ومجرور متعلق بفعل محذوف، تقديره: أدعوهم لأناس «عتوهم» عتو: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وعتو مضاف وضمير جماعة الغائبين العائد إلى أناس مضاف إليه «في ازدياد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر صفة لأناس.

الشاهد فيه: قوله «يا لقومي ويا لأمثال» فإنه جر المستغاث في الكلمتين جميعا بلام مفتوحة، أما سبب ذلك في الكلمة الأولى فواضح، وأما سببه في الثانية فلأنه أعاد معه يا.

٩٥ - وهذا البيت مما لم أقف له على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٤٨).

اللغة: «ناء» اسم فاعل فعله نأى ينأى، من مثال فتح يفتح، إذا بعد «الكهول» جمع كهل، وهو من وخطه الشيب، وقيل: هو من كانت سنه ما بين الأربع والثلاثين إلى الخمسين. =