شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[عطف البيان]

صفحة 334 - الجزء 1

  والثاني قول الآخر:

  ١٤٠ - أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا ... أعيذكما باللّه أن تحدثا حربا

  وبيان ذلك في [البيت] الأول أن قوله «بشر» عطف بيان على «البكري» ولا يجوز أن


= الشاهد فيه: قوله «التارك البكري بشر» فإن قوله «بشر» عطف بيان على قوله «البكري»؛ ولا يجوز أن يكون بدلا؛ لأن البدل على نية تكرار العامل، فكان ينبغي لأجل صحة كونه بدلا أن يجوز رفع المبدل منه ووضع البدل مكانه؛ فتقول «التارك بشر» ويلزم على هذا إضافة اسم مقترن بأل وهو التارك إلى اسم خال منها وهو بشر، وذلك في الراجح عند جمهرة النحاة لا يجوز، كما عرفت في باب الإضافة.

وقد عرفت السر في اشتراطهم لصحة البدل جواز إحلال البدل في محل المبدل منه، وأن هذا السر هو جعلهم العامل في البدل مقدرا مماثلا للعامل في المبدل منه.

١٤٠ - هذا الشاهد من كلام طالب بن أبي طالب أخي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن عم النبي ÷، من كلمة له يمدح بها النبي صلوات اللّه وسلامه عليه، ويبكي فيها على من قتل يوم بدر من قريش، وهذه الكلمة في سيرة ابن هشام (ج ١ ص ١٣ طبع بولاق - ٢/ ٢٩٦ بتحقيقنا)، وقد روى هذا الشاهد المؤلف في أوضحه (رقم ٤١٠).

الإعراب: «أيا» حرف نداء «أخوينا» أخوي: منادى، منصوب بالياء لأنه مثنى، وأخوي مضاف والضمير مضاف إليه «عبد» عطف بيان، وعبد مضاف و «شمس» مضاف إليه «ونوفلا» معطوف بالواو على عبد شمس «أعيذكما» أعيذ: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وضمير المخاطب مفعول به «باللّه» جار ومجرور متعلق بأعيذ «أن» مصدرية «تحدثا» فعل مضارع منصوب بأن المصدرية، وعلامة نصبه حذف النون، وألف الاثنين فاعله مبني على السكون في محل رفع، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، والتقدير: أعيذكما باللّه من إحداث حرب، والجار والمجرور متعلق بأعيذ.

الشاهد فيه: قوله «أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا» فإن قوله «عبد شمس» عطف بيان على قوله «أخوينا» ولا يجوز أن يكون بدلا منه؛ لأنه لو كان بدلا لكان حكمه وحكم المعطوف بالواو عليه واحدا؛ واستلزم ذلك أن يكون كل واحد منهما كالمنادى المستقل؛ لأن البدل من المنادى يعامل معاملة نداء مستقل؛ لكونه على نية تكرار العامل الذي هو هنا حرف النداء، كما أوضحناه لك فيما سبق، وهذا يستدعي أن يكون قوله «نوفلا» مبنيا على الضم؛ لكونه علما مفردا، لكن الرواية وردت بنصبه، فدلت على أنه لا يكون قوله «عبد شمس» حينئذ بدلا.

أي أن المانع من جعل عبد شمس بدلا مع صحة جريان هذه الأحكام عليه إنما هو أن هذا الشاعر قد عطف عليه اسما آخر بالنصب مع كون ذلك المعطوف علما مفردا، والعلم المفرد يجب بناؤه على الضم إذا وقع منادى، ولو قال «ونوفل» بالضم لجاز، فافهم ذلك.