[اختلاف العرب في باب «حذام»]
  ١ - فلو لا المزعجات من اللّيالي ... لما ترك القطا طيب المنام
  إذا قالت حذام فصدّقوها ... فإنّ القول ما قالت حذام
  فذكرها في البيت مرّتين مكسورة، مع أنها فاعل.
  وافترقت بنو تميم فرقتين؛ فبعضهم يعرب ذلك كلّه: بالضم رفعا(١)، وبالفتح نصبا
١ - البيتان قيل: إنهما لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية. والصواب كما في اللسان (مادة رقش) أنهما للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل، وحذام امرأته وفيها يقولهما، والبيت الثاني من شواهد ابن عقيل (رقم ١٦) واستشهد به الأشموني في باب ما لا ينصرف، والمؤلف في كتابه أوضح المسالك (رقم ٤٨٢) وفي كتابه شذور الذهب (رقم ٣٨) وأنشده قبلهم ابن جني في الخصائص ١/ ٥٦٩).
اللغة: «المزعجات» جمع مزعجة، وهو اسم الفاعل المؤنث من الإزعاج، وهو الإقلاق «القطا» طائر يشبه الحمام «المنام» النوم «قالت» فعل ماض من القول «حذام» اسم امرأة الشاعر كما عرفت «صدقوها» انسبوها للصدق، ولا ترموها بالكذب.
المعنى: هذه المرأة صادقة في كل ما تذكره من قول؛ فإذا قالت لكم قولا فاعلموا أنه القول المعتدّ به الذي لا يصح خلافه، فيلزمكم تصديقها والتيقن بما تقول.
الإعراب: «إذا» ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه منصوب بجوابه، مبني على السكون في محل نصب «قالت» قال: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث حرف لا محل له من الإعراب «حذام» فاعل بقال، مبني على الكسر في محل رفع، والجملة من الفعل وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها «فصدقوها» الفاء واقعة في جواب إذا، صدقوا: فعل أمر مبني على حذف النون، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع، وها: مفعول به مبني على السكون في محل نصب، وجملة فعل الأمر وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب جواب إذا الشرطية، وكانت الجملة لا محل لها لأن إذا أداة شرط غير عاملة جزما «فإن» الفاء حرف دال على التعليل، إن حرف توكيد ونصب «القول» اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة «ما» اسم موصول خبر إن، مبني على السكون في محل رفع «قالت» قال: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث «حذام» فاعل قال، مبني على الكسر في محل رفع، وجملة الفعل وفاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، والعائد ضمير محذوف منصوب بقال، وتقدير الكلام: فإن القول هو الذي قالته حذام.
الشاهد فيه: قوله «حذام» في الموضعين؛ فإن الرواية فيهما بكسر الميم بدليل القوافي في الكلمة الثانية، وهي فاعل الموضعين جميعا، ونحن نعلم أن الفاعل لا بد من أن يكون مرفوعا، فلما لم يكن ههنا مرفوعا في اللفظ جزمنا بأنه مرفوع في المحل، وهذا معنى كونه مبنيّا، وهذه لغة الحجازيين؛ وخالفهم بنو تميم، وتفصيل مقالتهم في الشرح.
(١) وعلى هذه اللغة ورد قول الفرزدق، وهو شاعر من بني تميم:
ندمت ندامة النكسعيّ لمّا ... غدت منّي مطلّقة نوار
=