[التعجب، له صيغتان]
  والثاني: أن تكون نكرة موصوفة بالجملة التي بعدها، والثالث: أن تكون معرفة موصولة بالجملة التي بعدها، وعلى هذين الوجهين فالخبر محذوف، والمعنى، شيء حسّن زيدا عظيم، أو الذي حسّن زيدا شيء عظيم، وهذا قول الأخفش.
  وأما «أفعل» فزعم الكوفيون أنه اسم، بدليل أنه يصغّر، قالوا: «ما أحيسنه» و «ما أميلحه»(١)، وزعم البصريون أنه فعل ماض، وهو الصحيح؛ لأنه مبنى يّلى الفتح، ولو كان اسما لارتفع على أنه خبر، ولأنه يلزمه مع ياء المتكلم نون الوقاية، يقال: «ما أفقرني إلى عفو اللّه»، ولا يقال: «ما أفقري» وأما التصغير فشاذّ، ووجهه أنه أشبه الأسماء عموما بجموده، وأنه لا مصدر له، وأشبه أفعل التفضيل خصوصا بكونه على وزنه، وبدلالته على الزيادة، وبكونهما لا يبنيان إلا مما استكمل شروطا يأتي ذكرها، وفي «أحسن» ضمير مستتر بالاتفاق مرفوع على الفاعلية، راجع إلى «ما» وهو الذي دلّنا على اسميتها؛ لأن الضمير لا يعود إلا على الأسماء.
  و «زيدا» مفعول به على القول بأن أفعل فعل ماض، ومشبّه بالمفعول به على القول بأنه اسم.
  وأما الصيغة الثانية، فأفعل فعل باتفاق(٢) لفظه لفظ الأمر، ومعناه التعجّب وهو خال من الضمير، وأصل قولك: «أحسن بزيد» أحسن زيد: أي صار ذا حسن، كما قالوا:
(١) من ذلك قول الشاعر.
ياما أميلح غزلانا شدنّ لنا ... من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر
والذي جرأ على تصغيره أنه أشبه في اللفظ أفعل التفضيل كما قال المؤلف، وأفعل التفضيل مما لا غرابة في تصغيره لكونه اسما.
(٢) إذا قلت: «أحسن بزيد» فإن أحسن من حيث المعنى فعل ماض، كما هو ظاهر من كلام المؤلف، ولكن صورته صورة فعل الأمر، وهل يراعى لفظه في الإعراب فيقال: مبني على السكون لا محل له من الإعراب، ويحذف آخره إن كان حرف علة، أو يراعى معناه، فيقال: مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره مجيئه على صورة الأمر؟ اختلفت كلمة العلماء في هذا الموضوع، لكن الذي يترجح عندنا أن تعامله بالنظر إلى لفظه، فتقول: مبني على السكون، وتحذف آخره إن كان حرف علة، كما حذفه ذلك الذي يقول:
... وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا ...