شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الباب الأول مما خرج عن الأصل: الأسماء الستة، وبيان إعرابها 65]

صفحة 66 - الجزء 1

  الثاني: أن تكون مكبّرة؛ فلو صغّرت أعربت بالحركات نحو: «جاءني أبيّك» و «رأيت أبيّك» و «مررت بأبيّك».

  الثالث: أن تكون مضافة، فلو كانت مفردة غير مضافة أعربت أيضا بالحركات، نحو: «هذا أب» و «رأيت أبا» و «مررت بأب»⁣(⁣١).

  ولهذا الشرط الأخير شرط، وهو أن يكون المضاف إليه غير ياء المتكلم⁣(⁣٢) فإن كان ياء المتكلم أعربت أيضا بالحركات، لكنها تكون مقدّرة، تقول: «هذا أبي» و «مررت بأبي» فيكون آخرها مكسورا في الأحوال الثلاثة، والحركات مقدّرة فيه، كما تقدر في جميع الأسماء المضافة إلى الياء، نحو: «أبي» و «أخي» و «حمي» و «غلامي»⁣(⁣٣).


(١) ومنه قوله سبحانه: {إِنَّ لَهُ أَباً} وقوله سبحانه: {وَلَهُ أَخٌ} وقوله جلت كلمته: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} ومن ذلك قول الشاعر، وقد أنشده ابن منظور في لسان العرب:

هي ما كنّتي وتز ... عم أنّي لها حم

(٢) ههنا شيئان أحب أن أنبهك إليهما، الأول أن كلمة «ذو» ملازمة للإضافة، فلا تقع في كلام ما منقطعة عن الإضافة كما يقع في باقي هذه الأسماء، نحو: الأب والأخ والحم، وتضاف «ذو» إلى اسم جنس ظاهر، والمراد باسم الجنس ما يقابل الصفة، فيدخل فيه المصدر نحو «ذو فضل» و «ذو علم» وأسماء الأعيان ومثناها وجمعها نحو «ذو ذهب» و «ذو فضة» ويخرج المشتقات فلا تقول «ذو عالم» ولا يضاف إلى الضمير، وأما قول الشاعر:

إنما يعرف ذا الفض ... ل من الناس ذووه

فإنه شاذ، والأمر الثاني: أن «ذو» قد تضاف إلى العلم نحو «أنا اللّه ذو بكة» وبكة: علم يطلق على مكة المكرمة، وقد يأتي مضافا إلى جملة نحو «اذهب بذي تسلم» أي اذهب في وقت صاحب سلامة، فالباء ظرفية بمعنى «في» و «ذي» صفة لاسم زمان محذوف.

(٣) الفصيح في استعمال هذه الأسماء مضافة إلى ياء المتكلم أن تأتي بها محذوفة اللامات فتقول «أب، أخ، حم» ثم تضيفها إلى ياء المتكلم فتقول: «أبي، أخي، حمي» قال تعالى: {إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} وقد أتى بها بعض شعراء العرب بعد أن رد لامها المحذوفة - وأصلها واو - ثم لما أضافها للياء قلب الواو ياء - لاجتماع الواو والياء في كلمة واحدة وسبق إحداهما بالسكون - وأدغمها في ياء المتكلم، وذلك مثل قول الشاعر:

فلا وأبيّ لا أنساك حتّى ... ينسّى الواله الصّبّ الحنينا

ونحو قول الآخر:

... وأبي ما لك ذو المجاز بدار ...

وهذا عند البصريين لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، وذهب المبرد وابن مالك وفاقا للكوفيين إلى أنه جائز من غير ضرورة.