كتاب الرد على عبدة النجوم وغيرهم من فرق الملحدين
  فإن قلت: إنها قطعت بحركتها أماكن لا نهاية لها أَحَلْتَ وناقضت، لأنك قلت: قطعت بحركتها أماكن، فأوجبت نهاية الأماكن بقطع النجوم لها، لأن المقطوع متناهي، ثم نقضت قولك بقولك: لا نهاية لها، فأوجبت نهاية الحركة، إذ لم تكن الحركة إلا في الأماكن المقطوعة المتناهية، لأن القطع للأماكن لا يكون إلا ببدء الحركة.
  وإن قلت: إنها قطعت أماكن متناهية، أوجبت نهاية الحركة، لأن الحركة لم تكن إلا في مكان، والمكان مقطوع، والمقطوع متناهي.
  وإن قلت: إنها لم تقطع بحركتها شيئاً، لم تخل من أحد وجهين:
  [١] إما أن تكون حركتها هذه كاختلاج العروق في أماكنها(١).
  [٢] أو سيراً من مكان إلى مكان(٢).
  فإن كانت حركتها من مكان إلى مكان، وقولك لم تقطع شيئاً محال، لأن السائر منها لا يكون إلا قاطعاً بحركته للهواء، أو إذا تحركت النجوم وسارت، ولا بد أن تقطع ما عبرت.
  وإن قلت: إن حركتها كاختلاج العروق في محلها، فقد حددت الحركة وناهيتها، لأنك - زعمت - أنها كانت تختلج في مواضعها، ثم انتقلت عن الاختلاج فانقطع منها، لأنها لما زالت عن ذلك المكان بطل اختلاجها، وثبتت حركتها وجريها، وإذا انقطع اختلاجها فقد تناهى، لأن الحركة أتت بعد انقطاع أوله وآخره.
(١) إشارة إلى الحركة الدائرية للكون ومفرداته (نجوم، كواكب، مجرات ...) افتراض الكون النابض.
(٢) إشارة إلى الحركة الانتقالية.