[الدليل على حدوث الأصول المتناسلة وفروعها المختلفة]
  وحاجتها أنها مضطرة إلى المنعم بقوتها؛ لتشكر فضل نعمه بحياتها فتستحق المدح والثواب على شكرها.
  والطبائع الأربع فهي أضداد متنافية وهي في صلاح الأجسام متكافئة؛ لأن الحر والبرد ضدان وكذلك الرطوبة واليبس مختلفان، وكذلك(١) الاختلاف دليل على حكمة صانعها؛ إذ جعل كل طبيعة(٢) تصلح لخلاف ما تصلح له الأخرى وإلا فما الذي(٣) جعل البرد والحر مختلفين دون أن يكونا جميعاً مؤتلفين؟ وما الذي خص أحدهما(٤) بالتبريد والإجماد، وخص الأخرى بالحرارة والاتقاد؟
  وما الذي خالف بين اليابس والرطب فاختلفا دون أن يتفقا ويأتلفا، وما الذي خص أحدهما بالرطوبة واللين دون أن يكونا على اليبس مجموعين؟ فالموجود من الأجسام كلها لا يصلح وجوده إلا يابساً أو رطباً [حاراً](٥) أو بارداً ولو بطلت الطبائع من الجسم لما كان موجوداً.
  كما لا يصلح وجود محدث عدمت حركته وسكونه؛ لأن الموجود صفة لا يصح مع بطلانها كونه، ولو عدم الحيوان طبائع الحركة لكان ذلك له من أعظم التهلكة.
  وكذلك القول في الأشجار المغتذية، أنها لا تتم إلا بطبائع الأغذية،
(١) في (ب): فذلك.
(٢) في (ب): لم تتضح.
(٣) في (ب): وإلا فما جعل.
(٤) في (ب): وما الذي أحضر أحدهما.
(٥) ما بين المعكوفين من (ب).