مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب الطبائع

صفحة 124 - الجزء 1

  وليست الطبائع بفاعلة للحكمة⁣(⁣١) والتدبير، ولا هي بعالمة بعجائب التقدير، وإنما هي حكمة رب العالمين، ودلالة عليه لجميع المخلوقين.

  وأصل الحكمة عند جميع أولي الألباب فإنما هي⁣(⁣٢) إصلاح الأسباب بالأسباب، فلما وجدنا الأشياء مصلحة بطبائعها، دلنا الإصلاح على حكمة صانعها؛ لأن الطبائع جعلت لمنافعها، فعلمنا أن المتفضل عليها بنعمها حي عالم بضعف أجسامها؛ لأنه لو كان ميتاً جاهلاً بفاقتها لما اهتدى إلى إصلاح قوام حياتها؛ لأنّا نجد الموت والجهل يوجبان الفساد، ولا يدركان تدبير أمور العباد.

  والدليل على أصول هذه الفروع، أن الموت وقع على الجميع، وللجميع نهاية وغاية، ألا ترى أن الفروع متشعبة⁣(⁣٣) من أصولها فإن الأصول في التدبير كنسولها، وإذا صح أن في هذه النسول من الحكمة مثل ما في [الأصول]⁣(⁣٤) فلا بد لها من محكم، وإذا صح أن عليهما نعمة فلا بد من منعم، وإذا كانا جميعاً محدثين فهما بغير شك متناهيان؛ لأن الموت وقع على أصولها⁣(⁣٥) كلها وللكل نهاية وغاية.

  ألا ترى أن أصولها على معنيين يدلان على النهاية، ويخبران بالأصل والغاية وهما الحياة والموت، وذلك أن الحياة⁣(⁣٦) حوتهم كلهم فلم تغادر منهم


(١) في (ب): بفاعلة الحكمة.

(٢) في (ب): فإنما هو إصلاح.

(٣) في (ب): مشتقة.

(٤) في المصفوف عليها: (الأرض)، ولعل الصحيح ما أثبتناه من (ب).

(٥) في (ب): وقع على أصولنا كلها.

(٦) في (ب): وذلك.