[الرد على من زعم أن البهائم تصير بعد الحشر ترابا]
  من الآلام، وامتحنها بالموت والأسقام، فلا بد لها في الآخرة من نعم لا تبلى(١) إذ كان إيلامه لها عدلاً، وإذا كان بالبهائم الخرس رحيماً، وكان في أمورها عدلاً حكيماً، فكيف بمن عرفه من أوليائه، وأيقن بثوابه ولقائه، وأحب وأبغض فيه، وهجر في بغضه مبغضيه، وصافى في محبته محبيه، ووالى فيه من يواليه، وعادي وناصب من يعاديه، فرحم اللّه عبداً اتصل بمولاه، وذل له(٢) ولمن والاه، وقطع فيه جميع من عاداه، ولم يركن إلى متاع غرور دنياه.
[الرد على من زعم أن البهائم تصير بعد الحشر تراباً]
  وقد بلغنا عن بعض أهل الحيرة والعمى، ومن لم يعط من التوفيق عطية الحكماء، أنه زعم أن البهائم تكون بعد الحشر تراباً، ولا يجعل اللّه لها على ألمها ثواباً، وإنما يقول بهذا من جهل حكمة الواحد الرحمن، ولم يوقن برحمته حقيقة الإيقان، وقذفه بالجور والعدوان، ولو كان الأمر في البهائم على ما وصف الجهال(٣) وقال به الكفرة الضلال، لم يخل في إماتته لها من أحد وجهين:
  [١] إما أن يكون عدلاً في إماتتها مرتين، ويثيبها على بعثها ثوابين، بعد أن يحشرها في الآخرة حشرين، وهذا محال عند ذوي العقول، فاسد في الاعتقاد والقول.
(١) في (ب): ونعيم لا يبلى.
(٢) في (ب): وجل له ولمن والاه.
(٣) في (ب): على ما وصفت.