[الخلود في النار لأصحابها]
  [٢] وإما أن يكون جائراً كما زعموا، فيعذبها عذابين، بعد أن أحياها كرتين، فكيف يكون عدلاً إذا آلمها، وامتحنها بعد الحشر فأعدمها، ومن عذب في الآخرة والأولى بغير ذنب لم يكن عدلاً، فقذفوا اللّه تبارك وتعالى وأخرجوه من الحكمة جهلاً.
  ودليل آخر: إما أن يكون - تعالى عن قولهم - رحيماً في إماتتها، وإما أن يكون رحيماً في حياتها، فالرحمة لا تكون في الموت الأبيد، وإنما الرحمة في الحياة والتخليد.
  ودليل آخر: [إما أن يكون موتها ينفعه وإما أن يكون ينفعها](١) فهو غني عن موتها وحياتها، وهي محتاجة إلى حياة أنفسها، والموت فغير نافع لها، وإذا اتسعت رحمته، فكيف تضيق على البهائم نعمته، وهو قادر على تخليدها، وغير عاجز عن مزيدها.
[الخلود في النار لأصحابها]
  وسألت [عن الدليل على دوام التخليد].
  والجواب](٢) في صدق الوعد والوعيد أن الحكيم رؤوف بالعباد، وإبطال الجنة وأهلها من أكبر الفساد، والحكيم لا يقطع ثوابه عن أوليائه، كما لا يقطع عقابه عن أعدائه؛ لأنه إن قطع ثوابه فقد ظلمهم، وعبث في خلقه فأهلكهم، واللّه يتعالى عن العبث والفساد، ويجل عن ظلم العباد؛ لأن أهل
(١) في (ب): ودليل آخر إما أن يكون موتها وحياتها ينفعها فهو غني عن موتها وحياتها وهي.
(٢) ما بين المعكوفين ساقط في (ب).