مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الخلود في النار لأصحابها]

صفحة 135 - الجزء 1

  الجنة صبروا على محن الحكيم، والصبر محمود عند كل رحيم.

  وأيضاً فإن الحكيم لا يظهر الحكمة للعبث والفناء، ولكنه جعل ذلك للبقاء، وقد أحسن أهل الجنة بالطاعة والإيمان، فهل يجازي أهل الإحسان بغير الإحسان؟! أجل إنه لبعيد عن ذلك، وأكرم من أن يكون كذلك.

  وأيضاً فإنه شكور للمطيعين، والشكور لا يقطع شكره عن الشاكرين، ولا يهلك عباده المؤمنين، ألا ترى أن حكيماً من حكمائنا لو أنعم⁣(⁣١) بنعمة ثم سلبها وانتزعها عن المنعم عليه وأذهبها لما سميناه مع هذا الفعل الدنيء حكيماً، ولا دعاه أحد أبدأ كريماً، ولصار عند الخلائق مذموماً، ولكان عند الجميع لئيماً، ولما كان عندهم أبدأ رحيماً، فكيف بأحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأشكر الشاكرين، وخير الغافرين.

  فإن قال بعض الجهال الملحدين الكفرة الفجرة الجاحدين: فلم زعمتم أنه لا يرحم أهل النار، ولا ينقلهم إلى دار الأبرار؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله العظيم: [لا يفعل ذلك الحكيم]⁣(⁣٢) لأن إخراج الفاسقين من العذاب الأليم، إلى الجنة والثواب الكريم؛ يدعوهم إلى البطر والفساد، وإلى ما كانوا فيه من الكفر والعناد، والعبث والظلم للعباد، وذلك قول الواحد الرحمن، فيما أنزل من محكم القرآن: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٢٨}⁣[الأنعام: ٢٨]، فكيف لا يستحق هولاء الفاسقون ما صاروا إليه⁣(⁣٣)


(١) في (ب) لم يتضح، وما أثبتناه من لدينا.

(٢) ما بين المعكوفين زيادة من (ب).

(٣) في (ب): ما صار إليهم.