مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته

صفحة 147 - الجزء 1

  وإن قلت: إنه حدث من العدم فهذا محال بيِّن الفساد، لأن العدم⁣(⁣١) لا يوصف بالإيجاد، لأن العدم لا شيء، والفاعل لا يكون إلا موجوداً مدبِّراً، حكيماً مقدراً، لأن قولك: لا يحدث شيئا نفي للمحدَث والمحدِث، لأن لا شيء عدم، والشيء وجود، والعدم ليس بعامد ولا معمود، ولا شيء سوى اللفظ مقصود.

  وإنما قولنا: عدم، نريد النفي بهذا الاسم، وإذا كان هذا المحدَث عدما قبل حدوثه، فالعدم لا شيء، ولا شيء لا يكون شيئاً بغير شيء، لأنك إذا قلت: معدوم يقوم⁣(⁣٢) بمعدوم، نفيت الجميع، إذ كله باطل محال، وعبث من صاحب المقال، وإلا فما الذي جعل وجود المعدوم أولى من عدمه وما جعل حدوثه أولى من تركه؟

  فإن قلت: إن ذلك من أجل أنه متروك فالمتروك متروك.

  وإن قلت: من غير الترك، فذلك الفاعل، الحكيم الجاعل، المتفضل بالتكوين، الخالق بغير معين، الرحمن الرحيم، العليم الحكيم، الواحد الأحد، المتفرد الصمد، الذي لا إله سواه، ولا أمد حواه، ولا عين تراه، ولا له مثل ولا نظير، ولا وزير ولا نصير، ولا شريك ولا مشير، إلهنا وسيدنا، وحبيبنا ومعتمدنا، وربنا وخالقنا، ومنشئنا ورازقنا، من لا تُحصى آياته، ولا تنقطع دلالاته، ولا تعد نعمه، ولا يتناقض علمه، ولا يستجهل حلمه، ولا يدركه نظر، ولا يحويه قُطْر، ولا يكتنهه ضمير، ولا يحويه مصير، ولا يعجزه تدبير.


(١) في (ب): ولأن العدم.

(٢) في (ب): معدوم يقوم بمعدوم، وفي (أ) لم تتضح.