كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته
  ودليل آخر: إذا قلت: لا نهاية للمعدوم. سألناك: هل عدم كله أو بعضه؟
  فإن قلت: لا كله ولا بعضه، جحدته ونفيته.
  وإن قلت: عدم بعضه. سألناك: أين الباقي من ما مضى من ألوفه؟
  ودليل آخر: إذا قلت: لم يعدم من سكون الجبل شيء، إلا وقد عدم قبله شيء إلى ما لا نهاية له. سألناك: أتريد بقولك: لا نهاية له الكل من المعدومات، أم البعض أم لم ترد كلاً ولا بعضاً؟
  فإن قلت: لم أرد كلاً ولا بعضاً جحدته، وأبطلت ما بالقدم وصفته.
  وإن قلت: عنيت وأردت بعضه فالبعض قسم محدود متناهي.
  وإن قلت: بل عنيت وأردت وذكرت بالقدم وقصدت الكل من المعدوم، فقد ناقضت(١) قولك عند أهل العقول، لأن الكل المعدوم قد تضمنه العدم، فلم يغادر منه طرفة عين ولا وَهْمٌ.
  ودليل آخر: إذا قلت: إن القدم قد وقع على الماضي من سكون الجبل كله، لم يخل هذا السكون المعدوم من أن يكون وجد جملة واحدة معاً في ساعة واحدة، أو وجد كثيره بعد قليله، وآخره بعد أوله، أو وجد قليله بعد كثيره، أو لم يوجد أي ذلك.
  فإن قلت: لم يوجد شيء مما ذكرت، جحدت ما لا يجحد وما لا ينكره ممن عقل أحد.
في (ب): فقد نقضت.