باب الدلالة على نفي الصفات عن الخالق والدليل على قدمه
باب الدلالة على نفي الصفات عن الخالق والدليل على قدمه
  قال المهدي لدين الله، الحسين بن القاسم #: فلما صح أن للأشياء خالقاً محدِثاً جاعلاً، صح أنه بخلافها من جميع المعاني، وصح أنه لا يشبهها في الذات، ولا الفعل، ولا الصفات، ألا ترى أنه لو أشبهها في بعض الشيء، لكان ذلك البعض مثلها في الحدث، والحدث لا يتعلق بقديم، لأنه لا يوجد متعلقاً إلا في كله أو بعضه، وللكل والبعض نهاية، لأن الكل محدود، والبعض لا يتعلق إلا في متحرك أو ساكن، والمتحرك والساكن محدثان، ولو أشبهها في كل شيء لكان محدَثاً مثلها، ولو كان محدَثا لما كان رباً، لأن المحدَث مربوب والمربوب مخلوق، ولا فضل لمخلوق على مخلوق في معنى الحدث بعد العدم، فوجب أن الخالق لا يشبه المخلوق، وفي ذلك من الأدلة ما يكثر لو شرحناه، ويطول به الكتاب لو ذكرناه.
  فإن قال قائل ملحد، أو سأل سائل مسترشد: فما تنكرون من أن يكون الخالق مخلوقاً، وخالقه مخلوقاً إلى ما لا نهاية له؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك؛ لأنك جعلت الكل مخلوقين، ويستحيل أن يكون المخلوق رباً لمخلوق، إذ هما سواء في الحدث لا فرق بينهما.