باب الدلالة على نفي الصفات عن الخالق والدليل على قدمه
  ودليل آخر: إما أن تكون هذه المحدثات أُحدثت وفُعلت بأمر قديم، أو بأنفسها.
  فإن قلت: بأنفسها، فهذا محال، لأن المحدَث مربوب، والمربوب لا فضل له على المربوبات، إذ سبيله سبيل المحدثات.
  وإن قلت: إن الأصل هو القديم، أثْبَتَّ الخالقَ سبحانه.
  ودليل آخر: إذا كان الخالق آخر المخلوقات، وكان محدَثاً بعد مُحدَثَات، لم يخل ما قبله من المحدثات من أحد وجهين:
  [١] إما أن يكنَّ كلهن مثله في الحدث.
  [٢] وإما أن يكون بعضهن محدثاً وبعضهن قديماً.
  فإن قلت: كلهن محدثات أوجبتَ لهن محدِثاً قديماً بخلافهن أحدثهن وخلقهن.
  وإن قلت: إن بعضهن محدث وبعضهن قديم، أوجبتَ أنهن على قسمين:
  [١] قسم محدث مخلوق.
  [٢] وقسم خالق قديم.
  والخالق لا يسمى: قسماً، ولا بعضاً.
  ودليل آخر: إذا كان الخالق بزعمك مخلوقاً، وقبله خالق قديم وخالق إلى ما لا نهاية له، فقد جعلته آخر الخالقين المخلوقين، وفي هذا تناقض أن يكون المحدَث قديماً والخالق مخلوقاً، وإذا كان لهم آخر [فلهم](١) أول، ويستحيل آخر بلا أول.
(١) في (أ): فهم. والصواب ما أثبتناه بين المعكوفين من (ب).