باب الرد على الثنوية عبدة النور والظلمة
  وشراً، فقضيت على أن الخير والشر من أصلين(١)، أحدهما فاعل خيراً، والآخر فاعل شراً، ولا يمكن أن يأتي بالخير من يأتي بالشر، ولا يمكن أن يأتي بالشر من يأتي بالخير.
  قيل له ولا قوة إلا بالله: قولك هذا تظنين وتوهم، ويستحيل من وجوه شتى:
  أولها: أنا وجدنا فاعل الخير والشر واحداً، ولو كان كما توهمت لما أحسن محسن(٢)، ولا اعتذر مذنب، ولا تاب مخطئ، إذ زعمت أنه لا يأتي بالخير مسيء أبداً.
  ودليل آخر:
  أن الخلق تام متقن محكم، وفيه إبانة صنع محدِثه، ومحال أن تكون الحكمة من علة من العلل الطبيعية.
  ودليل آخر:
  إما أن يكونا عند تمازجهما أحدثا الخلق بإرادة منهما.
  وإما أن يكون(٣) حدث بطباع تمازجهما.
  فإن قلت: إن الخلق حدث بإرادتهما أَحَلتَ، لأنك وصفتهما بصفات تدل على حدثهما، وذلك أنك زعمت أن لكل واحد منهما خمس حواس مختلفات، ولا بد لما اختلف من الأشياء من صانع خالف بين أجناسه لإظهار حكمته، فكل(٤) واحدة تصلح لخلاف ما تصلح له الأخرى لفاقته إلى ما جعل له صانعه، وإذا كان في الشيء من الأشياء ما يدل على حدثه بطل قدمه،
(١) في (ب): على أن الخير والشر أصلان.
(٢) في (ب): لما أحسن مسيء أبداً ولا اعتدى مذنب. وهو الصواب.
(٣) في (ب): وإما أن يكون الخلق حدث.
(٤) في (ب): فجعل كل واحدة.