كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  وإذا بطل قدمه لم يكن الفعل(١) أولى من غيره، ولزمه إذ ذلك ما يلزم مثله من العجز عن أن يصنع!
  وإن قلت: إن الخلق حدث بطباع تمازجهما أحلت، لأن المصنوع المطبوع لا تعدوه طبيعته، والاجتماع فهو عرض لا يتعداهما إلى غيرهما، كما أن افتراقهما لا يوجب حكمة في سواهما.
  ودليل آخر:
  أنهما إذا(٢) كانا من التصوير على ما ذكرت، وفي تمام الحواس على ما وصفت، فقد يجب(٣) شكر المنعم بكمال أدواتهما(٤)، والمتفضل بتمام جوارحهما، إذ جعل لهما حواساً خمساً، عيانا(٥) وسمعاً وذوقاً وشماً ولمساً، وخالف بين علمهما وحواسهما، وغاير بين صفات أجناسهما.
  ودليل آخر:
  يقال لهم: ما العلة التي أوجبت تمازجهما بعد مُباينة كل واحد لضده؟! إذ زعمتم أنهما تمازجا بعد مباينة كل واحد لصاحبه!
  فإن قلتم: إن الظلمة بغت على النور، أوجبتم حدث(٦) حركة لاقَتْ بينهما(٧)، وإذا حدث بينهما حادث فهما على حالين محدثين، وهما الحركة والسكون، وما كان من الأشياء متحركاً أو ساكناً فهو مضطر
(١) في (ب): لم يكن بالفعل.
(٢) في (ب): إنهما إما كان.
(٣) في (ب): فقد يجب عليها شكر المنعم.
(٤) في (ب): بكمال ذواتهما.
(٥) في (ب): بصراً.
(٦) في (ب): حدث. ساقط.
(٧) في (ب): فيهما.