كتاب التوحيد والتناهي والتحديد
  لا ينفك من أماكنه ومواضعه، ولا يقدر على دفع إحاطة علم صانعه، فهو إلى محله مضطر مدفوع، وجهاته وأقطاره تدل على أنه مصنوع.
  وكذلك يُنفى عن الله سبحانه، وعز عن كل شأن شأنه، درك الحواس والنفوس والأوهام، إذ لا يقع شيء منها إلا على جسم من الأجسام، في جهة من الجهات، أو على صفة من الصفات، فتبارك الله وتعالى عن الحس(١) والتوجس، أو خاطر(٢) نفس من الأنفس، أو مشاكله شيء من أوصاف الموصوفين، أو محادة جنس من أجناس المصنوعين، إذاً لدخل عليه ما يدخل على شكله، ولجاز عليه ما يجوز على مثله، من الصفات اللازمة الأجسام، المنفية عن ذي الجلال والإكرام.
  وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم تسليماً.
(١) في (ب): عن درك الحس.
(٢) في (ب): وخاطر.