مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على معرفة الله سبحانه والرد على الملحدين الكفرة الجاحدين

صفحة 258 - الجزء 1

  من جليل صنعه في الحيوانات، وما خلق سبحانه من الذكور والإناث، وأبان في ذلك من الجعل والإحداث، وما جعل بينهم من الأولاد الكثير من نطف⁣(⁣١) الماء الحقير، فعادوا كثيراً مذكوراً، بعد أن كانوا قليلاً محقوراً، وما شق لهم سبحانه من السمع والأبصار، والأفئدة للتمييز والأفكار، والاجتلاب للمنافع والنفور عن المضار.

  وما خلق لنا⁣(⁣٢) سبحانه من الحواس الخمس، من العيان والسمع والذوق والشم واللمس، فجعل العيان لدرك الهيئات، وجعل السمع⁣(⁣٣) لدرك الأصوات، وجعل المشام لدرك الروائح المختلفات، وجعل الذوق لدرك المطعومات، وجعل اللمس لدرك أحوال المجسمات⁣(⁣٤).

  فكان ما عُويِنَ من اتصال التدبير، واطراح الحكمة والتقدير، دلالة على أحكم الحاكمين، واضطراراً إلى معرفة رب العالمين، ودليلاً مبيناً على فساد قول الملحدين، ممن قال بالطبائع من الكفرة الجاحدين، أهل الحيرة المتلددين، إذ صح عند أهل العقول أن هذه العلل المواتات لا تقي⁣(⁣٥) أنفسها، فضلاً عن أن تقي تدبير غيرها⁣(⁣٦)، إذ لا يجعل الشيء للشيء إلا حكيم، ولا يصرف ولا يدبر إلا عليم.

  وسنزيد إن شاء الله بياناً، ونوضح له من ذلك هدىً وبرهاناً.

  ألا ترى أنه


(١) في (ب): من نطاف.

(٢) في (ب): وما خلق الله لنا.

(٣) في (ب): الأسماع.

(٤) في (ب): المحسوسات.

(٥) في (ب): لا تغني.

(٦) في (ب): عن أن تغني غيرها.