باب الصفات القديمة التي هي الله ø
  من المحدثات، من أحد وجهين مختلفين، متضادين غير مؤتلفين، لا يوجد إلى ثالث سبيل، ولا تشهد بغيرهما العقول:
  [١] إما أن يكون صنعها وهو عالم بكيفيتها.
  [٢] وإما أن يكون صنعها وهو جاهل بصنعها، لا يدري إلى ما يصير عند كمالها.
  فإن كان صنعها وهو عالم فذلك أولى ما وصف به الرحمن، وأوضح ما شهد به البرهان، وإن(١) خلقها ولا يدري إلى ما يؤول، فلا فرق بين الفاعل والمفعول، لأن من قصد فعل شيء يجهله، فهو متحير لا يدري كيف يفعله، ومن تحير في شيء(٢) وشك في عمله، فهو أحرى بالعجز عن فعله، فكيف يتسق له ما هو به جاهل؟! وعنه متحير غافل؟! وعن الهدى والرشد زائل؟! وبالجهل مستكبر ذاهل؟! أبخاطر خطر على باله فجلا عنه ما كان من جهله؟! وأوضح له ما جهل من فعله(٣)؟! فالخاطر عرض يخطر في القلوب، ويتعالى عنه علام الغيوب، والعرض لا يحل إلا في الأجسام، وقد بينا حدثها في أول الكلام، وإذا كان له بال يخطر عليه الذكر بعد نسيانه، ويتبين ما عمي عليه من شأنه، فقد عاد ثلاثة مجموعة:
  أولها: الجسم القابل للأعراض، الجاهل الذي لم يخل من الحيرة والأمراض.
  والثاني: جهله المركب المبني عليه.
  والثالث: علمه الحادث المضطر إليه، الذي لولا حدثه لما انتفع بجسمه،
(١) في (ب): وإن كان خلقها.
(٢) في (ب): ومن تحير في فعل شيء.
(٣) في (ب): شغله. بدل: فعله.