مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الصفات القديمة التي هي الله ø

صفحة 287 - الجزء 1

  في طلب الأمان مما خفت، وأن تحرص في نفي ما كرهت، وأن لا توانى في ذلك ولو جهلت، حتى تعلم حقيقة ما به وُعدت، فعلى تفريطهم استحقوا العذاب، ولخلاف أدلتهم عدموا الصواب، ولو تمسكوا بسفن النجاة لما غرقوا في بحور العمى، ولو شربوا من علم آل نبيهم لشفوا من الظما، ولظفروا بالغنائم العظمى، ولأنارت قلوبهم لموافقة الحكماء.

  ولكنهم اكتفوا بعلم أنفسهم، واستقلوا آل نبيهم.

  فلا يبعد الله إلا من ظلم، وعلى نفسه السوء⁣(⁣١) اجترم، فهذا سبب هلاك الجهال، وكثير من أهل النحلة الضُلَّال، الذين شاهدناهم في عصرنا، ورأيناهم في دهرنا، فكم⁣(⁣٢) غريق شاهدناه، وضال عمي رأيناه، قد استعمل في أئمة الهدى سوء الظنون، ورضي بباطله عن الحق المبين، وأعرض عن الحكمة واليقين، يرى بجهله أنه قد هدي إلى الصواب، وأنه أولى بالحق من ورثة الكتاب، ولو علم الله ø أنه في ذلك المحل لجعله قدوة لعباده، وحجة على الخلق في بلاده، ولكن الله علم بعمى قلبه، فلم يجعل له حظاً في وراثة كتابه.

  فرحم الله عبداً نظر لنفسه، وأعمل الفكر بقلبه، وميز ما ينجو به من عذاب ربه، وألطف النظر في طلب السلامة، من هول عذاب يوم القيامة، ومناقشة الحساب يوم الحسرة والندامة، والتمس النور في الثقلين، اللذين جعلهما الله حجة باقية إلى يوم الدين وحشر العالمين، ولم يقتصر على واحد منهما دون ثاني، ولا على ميت من آل محمد ÷ دون حي، وحذر إجحاف سؤال الرسول ومناقشته، بين يدي الله في ذريته وولده،


(١) في (ب): بالسوء.

(٢) في (ب): كم غريق.