مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[استحالة رؤية الله تعالى]

صفحة 315 - الجزء 1

  على قاطعه، والاجتماع والافتراق يدلان على مفرقه وجامعه، ومفتطره وصانعه؛ لأن المحدود يدل على محدوده والمبعض عدد يدل على معدده، ولو كان كما وصف أهل الكفر والإلحاد من الظهور في الآخرة والمعاد، والتجلي لأبصار العباد، لم يخل من أحد وجهين لا ثالث لها أو لا يوجد في العقول غيرهما.

  [١] إما أن يظهر كله فتصح له الحدود.

  [٢] وإما أن يظهر بعضه فيدخل في التعديد والله يتعالى عن التحديد بل عن صفة العبيد⁣(⁣١).

  ومما يدل على كفرهم وإلحادهم، وعداوتهم لله وعنادهم وضلالهم عن الحق وفسادهم أنه لو كان في الآخرة على ما ذكر الجهال وقال به الفسقة الضلال لم يخل عند ظهوره ونزوله وهبوطه، وقعوده ووصوله من أن يكون كالأشياء مستقراً، أو متحركاً زائلاً مستمراً، فإن كان ساكناً لابثاً فهو مضطر إلى لبثه وقراره، بعد هبوطه وحركته وانحداره وحاجته إلى الحركة واضطراره، وإقباله في السماوات وإدباره، وبطلان قوته واقتداره، ومما يدل على حدث معبودهم، تعالى الله عن كفرهم وجحودهم، أن الحركة والسكون محدثان، وهما بمعبودهم متعلقان، وبجسمه مقترنان متداولان، فقد صح حدثه إذ لم ينفك من المحدثات، لأن ما كان بين حالين محدثين، ومكونين بعد العدم موجودين، وكان لا ينفك منهما، فهو في الحدث مثلهما، وسبيله سبيلهما، إذ هو مبني عليهما، لا يجد منهما بداً، ولا عنهما معتمداً فلا بد له من بانٍ بناه


(١) لقد ألفت في مسألة الرؤية كتاباً مهماً جمعت فيه أقوال المثبتين والنافين وأدلة كل فريق ثم ناقشتها على ضوء قواعد كل فريق، طبع بعنوان (رؤية الله تعالى بين العقل والنقل) وصدر عن دار الحكمة.