[أقسام فعل الله تعالى وبطلان تأثيرات الطبائع]
[أقسام فعل الله تعالى وبطلان تأثيرات الطبائع]
  فأول ما نبدأ بذكره من الأفعال: فعل الله الواحد الأحد الكبير المتعال؛ فألطفوا النظر فيما يلقى إليكم من المقال؛ فنقول: إن فعل الله يخرج على وجهين، وينقسم في المعقول على قسمين:
  أحدهما: فعل فعله بالاختراع يستخرج بالألباب، مثل فعله لأول ما صنع، وفطر من الأهوية وابتدع، وكذلك خلقه للسماوات والأرضين، فذلك ابتداع من أحكم الحاكمين.
  والوجه الآخر: فعله بالعلل بالمعلولات، مثل إثباته للأرض بالجبال الراسيات، ومثل إحراقه للزبد بالنيران، ومثل ضربه للماء بالرياح، ومثل خلقه للحيوانات بعواقب النكاح، ومثل حياته التي أثبتها في الأجسام، وأقرها بطبائع الماء والطعام، ومثل خلقه للأشجار بما نزل برحمته من الأمطار، وحياة جميع الحيوان والثمار، وهو يقدر مع ذلك أن يخلق جميع الأشياء كخلقه للهواء والنار والماء، ولكنه أراد أن يدل ذوي الألباب على حكمته بإصلاح الأنساب بالأسباب؛ لأنه لا يفعل المعنى بالمعنى إلا عالم بما صنع وبنى.
  فنقول: إن الله ø دبر جميع مصالح العباد بالطبائع الأربع المركبة في جميع الأجساد، لما أراد من المصالح ونفي الفساد، وهي: الحر، والبرد، واليبس، والرطوبة؛ وخالف بينها وجعلها من الأضداد، لما أراد من البيان للعباد، وقد ذكرنا ذلك في كتاب (الطبائع) لمن رغب في الحق والرشاد.
  فأما غرضنا في هذا الكتاب فهو بيان جميع الأفعال، ونفي ما خالف الحق