باب تفسير العدل
  والحكمة والرحمة والإحسان، وذلك أن مولانا سبحانه أنعم على المكلفين بما صنع من السماوات والأرضين، وجعل ذلك نعمة للمؤمنين، وحجة وتفضلاً على العاصين، وحكمة أبانها لعباده الموقنين، فكلما صنع مما عنه سألت فلنعمة الابتداء ولبيان الحكمة والهدى.
[أصناف الخلق]
  وأما البهائم والأطفال فجعلها الله للثواب على ما امتحنها من الأسباب، وجعل الخلق على ثلاثة أصناف:
  فصنف: هم المتعبدون الملائكة والجن والآدميون.
  وصنف: من الحيوان والأنعام وما لا يحصى من الأنام وأمم قبائل الهوام.
  والصنف الثالث: فهو جميع الموات الأرضون والسماوات والأهوية والماء والنبات، وفي جميع ذلك العدل والثبات، والآيات البينات.
  فأما سادتنا الملائكة المقربون والأنبياء والمؤمنون والمتعبدون أجمعون، فإن الله جاد عليهم بنعم لا تحصى، وأيادٍ عظيمة لا تجزأ، ولأن أجهد المتعبدون غاية جهدهم وبلغوا الغاية في عبادة ربهم لا قامت عبادتهم بسلامة جارحة واحدة من جوارحهم، ولا بنعمة من نعمهم، ولا بصرف محنة من محنهم، ولم يرد الله بعبادتهم إن يجازوه، ولا أراد منهم أن يكافئوه، ولا أوجدهم لينفعوه، وإنما أوجدهم لإظهار حكمته، وأظهر حكمته فيهم لنعمته، وأنعم عليهم برحمته، وتعبدهم بشكره؛ ليظهر الحسن من فعلهم وليكافيهم على شكرهم، وإنما تعبدهم بشكره؛ لأن شكر المنعم واجب والأمر بالواجب عدل.