باب الدليل على وحدانية الله سبحانه
باب الدليل على وحدانية الله سبحانه
  إن سأل سائل فقال: ما الدليل على أن الله واحد؟
  قيل له: اعلم أيها السائل، دَلّنا على أنه واحد أنه لو كان معه إله آخر لم يخلُ من أن يكونا متفقين أو مختلفين، فإن كانا مختلفين لم يخلُ من أن يقهر أحدهما صاحبه أو لا يقدرا على ذلك، فإن تكافت قواهما فلما يقدرا جميعاً على ما أرادا من الاختلاف، فهما عاجزان مخلوقان، وإن قدرا على ذلك فهما عاجزان إذ لم ينج أحدهما من القهر، وكان كل واحد منهما مقهوراً.
  ودليل آخر: أنهما إذا قدرا على الاختلاف لم يخلُ من أن يختلفا فيبطلا أو يختلفا فيعجزا أو يختلفا فيبطل أحدهما، فإن اختلفا فبطلا فهما ضعيفان جسمان مخلوقان، وإن اختلفا فعجز كل واحد منهما عن صاحبه وتكافيا فهم عاجزان إذ عجز كل واحد منهما عن صاحبه، وإن اختلفا فبطل أحدهما وثبت الآخر فإن الربوبية للثابت القاهر، وإن اتفقا لم يعدُ من أن يكون اتفاقهما خوف الاختلاف أو خوف العجز، أو عبثاً منهماً وسفهاً، فإن اتفقا خوفاً من الاختلاف فهما عاجزان؛ لأن العاجز ضعيف والضعف من صفات