مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على حدث الأجسام

صفحة 76 - الجزء 1

  والسكون إلا كانت حركتها لا تزال، فجعلوا السكون حركة، والحركة سكوناً، والظنون عقولاً، والعقول ظنوناً، فزادهم الله عمى وعِيًّا، وخبلاً وضلالاً وغيًّا.

  فيا لهم الويل الطويل، والعذاب والخزي الجليل، أما علموا - لا علمهم الله رشداً ولا وفقهم لخير أبداً - أن الحركة هي الزوال]⁣(⁣١) والسكون هو اللبث، وشتان بين الهدوء والجمود، والحركة والحث، أوما علموا أن حقيقة الحركة هي زوال الجسم واختفاقه، وحقيقة السكون تخلف الجسم ولبثه واعتياقه، أوما علموا أيضاً أن الثقيل كلما ثقل كان أعظم لزواله، وأسرع لهويه وانتقاله، فقد رأينا بعقولنا، وشاهدنا بأبصارنا الحجر أسرع هوياً في الجو من الطير والتراب، ورأينا التراب أسرع انحداراً من الريش، فكيف لحقت الحجر الأرض، والأرض أثقل منها، والثقيل أسرع مضياً وانحداراً، وأقل لبثاً وقراراً، وأجدر بالسقوط والانحدار، وأبعد من اللبث والقرار، ثم نظرنا إلى الريشة فإذا هي أخف الأشياء، ورأيناها تلحق الأرض على ضعفها وقلة انحدارها وهويها.

  ودليل آخر: أن الجسم إذا هوى سفلاً، أو من السفل علواً أو من غيرهما من الجهات، لا يخلو في حركته من أن يكون قطع أماكن متناهية، أو قطع أماكن لا نهاية لها، أو لم يقطع بحركته أماكن.

  فإن قلت إنه لم يقطع أماكن، جعلته ساكناً، لأن المتحرك لا يتحرك إلا في مكان، ولابد للمتحرك من المكان أن يقطع مسافة متناهية.


(١) هذا نهاية السقط من النسخة المصفوف عليها (أ) الذي نبهنا عليه آنفاً. وأضفناه من (ب).