[حدوث الدهور والأزمان]
  ونجد السكون كذلك يكثر أيضاً حتى لا يحصى، والساكن معروف بحدوده وأقطاره، موجود في محله وقراره، مثل الحجر التي لا تحصى ساعات سكونها(١)، فكم من ساعة لا تحصى قد سكنت، وكم من يوم وليلة قد لبثت، فتلك الساعات قد عدمت، والحجر موجودة ما برحت.
  والحركة والسكون على الجملة دهور وأزمان، وعلى التصنيف صنوف [وأفنان، وكل ذلك دليل على حدث](٢) الأجسام، وبيان على فساد دعاوى الدهرية الطغام، وأشباه عجم الأنعام، وأهل التَّكَمُّه(٣) في الإظلام، وسَنَدُلُّ إن شاء الله تعالى على فساد قولهم، ونوضح من حدث الدهر ما عموا عنه بجهلهم.
[حدوث الدهور والأزمان]
  فإن سأل سائل منهم فقال: ما الدليل على حدث(٤) ما مضى من الدهور، والأيام والليالي والشهور؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: الدليل على حدوث ما مضى من الدهر وأزمانه، أنه لم تحدث ساعة إلا بعد حدوث ما قبلها وبطلانه.
  فإن قال: وما أنكرت من أن يكون ما مضى من الساعات ساعة قبل ساعة إلى ما لا نهاية له؟
(١) نلاحظ هنا سبق الإمام # في إبراز معنى الحركة وتعريفها وإفضائه إلى المعنى الحديث لها في علم الفيزياء حيث يقال: إن الجسم متحرك: إذا تغير موقعه بالنسبة للزمن ويقال: أنه ساكن إذا لم يتغير موقعه بالنسبة للزمن.
(٢) ما بين المعكوفين ساقط في (ب).
(٣) في نسخة (ب) البكمة.
(٤) في (ب): حدوث.