شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الابتداء بالنكرة يحتاج إلى مسوغ]

صفحة 139 - الجزء 1

  قائم» وما إذا كان المبتدأ مسندا إلى ما بعده، نحو: «أقائم الزّيدان»⁣(⁣١).

  والخبر هو: «المسند الذي تتمّ به مع المبتدأ فائدة».

  فخرج بقولي «المسند» الفاعل في نحو «أقائم الزّيدان» فإنه وإن تمت به مع المبتدأ الفائدة، لكنه مسند إليه، لا مسند، وبقولي «مع المبتدأ» نحو: «قام» في قولك «قام زيد».

  وحكم المبتدأ والخبر الرّفع.

  * * *

[الابتداء بالنكرة يحتاج إلى مسوغ]

  ص - ويقع المبتدأ نكرة إن عمّ أو خصّ، نحو: «ما رجل في الدّار» {أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ} و {لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} و «خمس صلوات كتبهنّ اللّه».

  ش - الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، لا نكرة؛ لأن النكرة مجهولة غالبا، والحكم على المجهول لا يفيد⁣(⁣٢)، ويجوز أن يكون نكرة إن كان عامّا أو خاصّا؛ فالأول


(١) يؤخذ من كلام المؤلف أن المبتدأ بنوعيه يجب فيه أن يكون مجردا من العوامل. اللفظية، فإنه جعل «الاسم» جنسا في التعريف و «المجرد - إلخ» فصلا أول، و «للإسناد» فصلا ثانيا، والمراد بالعوامل التي تعمل فيما بعدها كما الحجازية وليس وحرف الجر وغير ذلك، فإذا قلت: «ما قائم زيد» فإذا جعلت «ما» نافية مهملة لم تكن من العوامل؛ فيكون «قائم» مبتدأ؛ لأنه مجرد عن العوامل اللفظية إذ لا عمل لما فيه، وإن جعلت «ما» حجازية لم يكن قولك «قائم» مبتدأ، ولكنه يكون اسم ما الحجازية، ويكون «زيد» فاعلا بقائم سد مسد خبر ما الحجازية، ومن هذا التقرير تعلم أن الفاعل الذي يسد مسد الخبر لا يختص بالمبتدأ بل يكون مع أسماء النواسخ أيضا.

(٢) كان مقتضى هذا التعليل أنه لا يجوز أن يقع الفاعل نكرة إلا بمسوغ كما أنه لا يجوز أن يكون المبتدأ نكرة إلا بمسوغ، من قبل أن كل واحد من المبتدأ والفاعل محكوم عليه، والنكرة مجهولة غالبا، وكل واحد من الفعل والخبر حكم، والحكم على المجهول لا يفيد، ولكنهم فرقوا بين الفاعل والمبتدأ؛ فأجازوا أن يكون الفاعل نكرة؛ ولم يجيزوا أن يكون المبتدأ نكرة إلا بمسوغ من المسوغات التي ذكر مجملها المؤلف.

ووجه التفرقة بين المبتدأ والفاعل: أن الفعل مع الفاعل واجب التقديم عليه، بخلاف المبتدأ مع الخبر؛ فإن الأصل أن يتقدم المبتدأ ويتأخر الخبر، والنكرة تصير بتقديم حكمها عليها في حكم المنصوص قبل الحكم، وإذا كان تقديم الفعل يصير الفاعل النكرة في حكم المخصوص جاز أن يقع الفاعل نكرة، وإنما كان تقديم الحكم على النكرة بهذه المنزلة لأن القصد من اشتراط تعريف المحكوم عليه أو تخصيصه إنما هو اجتلاب إصغاء السامع إلى كلام المتكلم حتى يعرف الحكم بعد معرفة المحكوم عليه؛ فإذا تقدم الحكم كان السامع مقبلا على المتكلم مصغيا إليه؛ ليعرف المحكوم عليه ولو بالنوع، فافهم ذلك وتمسك به.

فإن قلت: فإن هذا الكلام يقتضي أن يجوز وقوع النكرة مبتدأ بغير مسوغ إذا تقدم خبرها عليها، سواء أكان =