[حذف المبتدأ أو الخبر جائز لدليل]
  إحداها: قبل جواب «لولا»(١)، نحو قوله تعالى: {لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}(٢) أي:
  لولا أنتم صددتمونا عن الهدى؛ بدليل أن بعده: {أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ}(٣).
  الثانية: قبل جواب القسم الصريح، نحو قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٤) أي: لعمرك يميني، أو قسمي، واحترزت بالصريح عن نحو: «عهد اللّه»؛ فإنه يستعمل قسما وغيره، تقول في القسم: «عهد اللّه لأفعلنّ» وفي غيره: «عهد اللّه يجب الوفاء به»؛ فلذلك يجوز ذكره تقول: «عليّ عهد اللّه».
  الثالثة: قبل الحال التي يمتنع كونها خبرا عن المبتدأ(٥)، كقولهم: «ضربي زيدا قائما» أصله: ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما، فحاصل: خبر، وإذا: ظرف للخبر
= الأول: أن يخبر عنه بنعت لمجرد مدح، نحو «الحمد للّه الحميد» برفع الحميد، أو لمجرد ذم، نحو «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» برفع الرجيم.
الثاني: أن يكون الخبر مخصوص نعم أو بئس مع كونه مؤخرا عنهما، نحو «نعم الرجل زيد» ونحو «بئست المرأة هند» فإذا أعربت «زيد، وهند» خبرا لم يجز أن يذكر مبتدؤه.
الثالث: أن يكون الخبر صريحا في الدلالة على القسم، نحو «في ذمتي لأفعلن».
الرابع: أن يكون الخبر مصدرا أتى به بدلا من فعله، نحو قوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} أي فأمري صبر جميل.
(١) المراد لولا الامتناعية، وهي التي تدل على امتناع المذكور ثانيا بسبب وجود المذكور أولا؛ فإذا قلت: «لولا علي لهلك عمر» فإن معنى هذا الكلام: امتنع هلاك عمر بسبب وجود علي، ولولا هذه تدخل على جملتين أولاهما اسمية والثانية فعلية، فإذا دخلت على فعلية فالفعل مقدر بمصدر يكون مبتدأ وخبره محذوف وجوبا أيضا، وذلك كقول الشاعر:
لا درّ درّك إنّي قد رميتهم ... لولا حددت، ولا عذرى لمحدود
فقوله: «حددت» - ومعناه «حرمت» - مقدر بمصدر: أي لولا الحد، أي الحرمان موجود.
(٢) من الآية ٣١ من سورة سبأ.
(٣) من الآية ٣٢ من سورة سبأ.
(٤) من الآية ٧٢ من سورة الحجر.
(٥) فإن كان الحال صالحا لأن يخبر به عن المصدر، نحو أن تقول: «ضربي زيدا شديد» وجب جعله خبرا ورفعه لذلك، ولا يجوز جعله حالا، ونصبه في هذه الحالة شاذ، وورد منه قول العرب: «حكمك مسمطا» أي ثابتا، فإن مسمطا صالح لأن يخبر به عن المبتدأ، وقد نصبوه على الحال شذوذا، وخرجوا عليه قول الزباء:
ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا
فقولها «وئيدا» حال سدت مسد الخبر مع صلاحيته للإخبار به، وذلك شاذ، وعلماء الكوفة يجعلون «ويئدا» حالا من الجمال و «مشيها» فاعلا مقدما لوئيد، وهو غير مرتضى عند أهل البصرة.