[يجوز حذفها وحدها أو مع اسمها]
  الفعل، للاهتمام به، أو لقصد الاختصاص، فصار لأن كنت منطلقا انطلقت، ثم حذف الجارّ اختصارا كما يحذف قياسا من أن، كقوله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما}(١) أي: في أن يطّوّف بهما، ثم حذفت «كان» اختصارا أيضا، فانفصل الضمير، فصار أن أنت، ثم زيد «ما» عوضا، فصارت «أن ما أنت» ثم أدغمت النون في الميم، فصار «أمّا أنت»، وعلى ذلك قول العباس بن مرداس:
  ٤٧ - أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع
(١) من الآية ١٥٨ من سورة البقرة.
٤٧ - هذا البيت من كلام العباس بن مرداس السلمي يقوله في خفاف بن ندبة، وخفاف شاعر أيضا، وهو بوزن غراب، وندبة اسم أمه، والبيت من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٤٨) وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٠٧) وابن عقيل (٧٤) والمؤلف في مغني اللبيب (رقم ٤٤ و ٨٢) وفي أوضحه (رقم ٩٧) وفي شذور الذهب (رقم ٨٦) وقد شرحناه في هذه المواضع كلها.
اللغة: «أبا خراشة» هذه كنية خفاف بن ندبة «ذا نفر» يريد كثير الأهل والأتباع «الضبع» السنة المجدبة الكثيرة القحط.
المعنى: يقول: لا تفتخر علي؛ لأنك إن كنت تفخر بكثرة أهلك وأتباعك فليس ذلك سببا للفخر؛ لأن قومي لم تأكلهم السنون، ولم يستأصلهم الجدب والجوع، وإنما نقصهم الذياد عن الحرم، وإغاثة الملهوف، وإجابة الصريخ.
الإعراب: «أبا» منادى بحرف نداء محذوف، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، وأبا مضاف و «خراشة» مضاف إليه، مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والتأنيث «أما» مركب من حرفين أحدهما أن والآخر ما، فأما أن فمصدرية، وما: زائدة معوض بها عن كان المحذوفة «أنت» ضمير منفصل اسم كان المحذوفة، مبني على الفتح في محل رفع «ذا» خبر كان منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، وذا مضاف و «نفر» مضاف إليه «فإن» الفاء حرف دال على التعليل، إن: حرف توكيد ونصب «قومي» قوم: اسم إن، منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على الفتح في محل جر «لم» حرف نفي وجزم وقلب «تأكلهم» تأكل: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون، وهم: ضمير الغائبين مفعول به لتأكل «الضبع» فاعل تأكل تأخر عن المفعول، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر إن.
الشاهد فيه: قوله «أما أنت ذا نفر» حيث حذف كان وعوض عنها «ما» الزائدة، وأبقى اسمها وهو أنت، وأبقى خبرها أيضا وهو قوله «ذا نفر»، على ما ظهر لك من الإعراب، فالمحذوف من الجملة هو كان وحدها. =