[إذا خففت «لكن» أهملت]
  الإعمال، لكن يجب في اسمها ثلاثة أمور: أن يكون ضميرا لا ظاهرا، وأن يكون بمعنى الشأن، وأن يكون محذوفا(١).
  ويجب في خبرها أن يكون جملة لا مفردا، فإن كانت الجملة اسمية أو فعلية فعلها جامد، أو [فعلية فعلها] متصرف، وهو دعاء، لم تحتج إلى فاصل يفصلها من أن.
  مثال الاسمية قوله تعالى: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}(٢)، تقديره: أنه الحمد للّه أي: الأمر والشأن، فخفّفت «أن» وحذف اسمها، ووليتها الجملة الاسمية بلا فاصل.
  ومثال الفعلية التي فعلها جامد: {وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}(٣) {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى}(٤)، والتقدير: وأنه عسى، وأنه ليس.
  ومثال التي فعلها متصرف، وهو دعاء: {وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها}(٥) في قراءة من خفّف أن وكسر الضاد.
  فإن كان الفعل متصرفا، وكان غير دعاء، وجب أن يفصل من «أن» بواحد من أربعة - وهي: «قد»، نحو: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا}(٦) {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا}(٧) وحرف
(١) قد ذكر المؤلف فيما يلي أنه يذكر اسم أن المفتوحة المخففة، وحينئذ لا يجب أن يكون ضمير الشأن، ولا يجب أن يكون الخبر جملة، ومن ذلك قول جنوب ترثي أخاها عمرا ذا الكلب:
لقد علم الضّيف والمرملون ... إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا
بأنّك ربيع وغيث مريع ... وأنّك هناك تكون الشّمالا
وتأمل في قولها: «بأنك ربيع» تجد الاسم ضمير مخاطب مذكورا لا ضمير شأن، وتجد الخبر مفردا لا جملة، وتأمل في البيت الثاني في قولها: «وأنك هناك تكون الثمالا» تجد الاسم ضمير مخاطب مذكورا، لا ضمير شأن، وتجد الخبر جملة وهي «تكون الثمالا» تدرك ما ذكرناه.
وهل مجيء اسم أن غير ضمير شاذ أو قليل؟ والجواب عن هذا: أن الذي أوجب من النحاة كون اسم أن المخففة ضمير شأن كابن الحاجب جعل ذكره وهو غير ضمير الشأن شاذا.
وأما الذي لم يوجب أن يكون اسم أن المخففة المفتوحة ضمير شأن كابن مالك فيرى أن مجيئه ضمير مخاطب مذكورا قليل، وكلام ابن هشام في شذور الذهب وأوضح المسالك يفهم منه ذلك، وهو فيه تابع لابن مالك.
(٢) من الآية ١٠ من سورة يونس.
(٣) من الآية ١٨٥ من سورة الأعراف.
(٤) من الآية ٣٩ من سورة النجم.
(٥) من الآية ٩ من سورة النور.
(٦) من الآية ١١٣ من سورة المائدة.
(٧) من الآية ٢٨ من سورة الجن.