[إذا خففت «أن» المفتوحة عملت وجوبا، ووجب في اسمها وخبرها أربعة أمور]
  التنفيس، نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى}(١) وحرف النفي، نحو: {أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}(٢)، ولو، نحو: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا}(٣).
  وربما جاء في الشعر بغير فصل، كقوله:
  ٥٧ - علموا أن يؤمّلون، فجادوا ... قبل أن يسألوا بأعظم سؤل
  وربما جاء اسم أن في ضرورة الشعر مصرّحا به غير ضمير شأن؛ فيأتي خبرها حينئذ مفردا، وجملة، وقد اجتمعا في قوله:
(١) من الآية ٢٠ من سورة المزمل، ومثل هذه الآية الكريمة وحرف التنفيس «سوف» قول الشاعر:
واعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كلّ ما قدرا
(٢) من الآية ٨٩ من سورة طه.
(٣) من الآية ١٦ من سورة الجن.
وقد زاد ابن مالك في التسهيل من الفواصل التي تفصل بين أن المفتوحة المخففة الشرط، وقد مثل لذلك المرادي بقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ} لكن الذي ينقدح في الذهن أن «أن» في هذه الآية الكريمة تفسيرية.
٥٧ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٨٤) وابن عقيل (رقم ١٠٧) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٤٩).
اللغة: «يؤملون» بالبناء للمجهول وتضعيف الميم - أي: يرجوهم الناس ويؤملون عطاءهم «سؤل» بضم السين وسكون الهمزة - هو ما تسأله وتتمناه، ومنه قوله تعالى من الآية ٣٦ من سورة طه: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى}.
المعنى: يقول: إن هؤلاء الممدوحين قد أيقنوا أنهم محل رجاء الناس، ومعقد آمالهم؛ فلم ينتظروا حتى يسألهم الناس، بل أعطوا أعظم ما يتمناه امرؤ، قبل أن يتوجه إليهم أحد بالسؤال.
الإعراب: «علموا» فعل وفاعل «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف «يؤملون» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة نائب فاعله، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر أن المخففة «فجادوا» الفاء عاطفة، جادوا: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة علموا «قبل» ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بجادوا «أن» مصدرية «يسألوا» فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة نائب فاعل، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بإضافة قبل إليه، أي قبل سؤالهم «بأعظم» جار ومجرور متعلق بجادوا، وأعظم مضاف و «سؤل» مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة.
الشاهد فيه: «أن يؤملون»، حيث جاء خبر أن المخففة جملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء ولم يفصل بينه وبين «أن» بفاصل من الفواصل الأربعة التي ذكرها المؤلف. =