[إذا خففت «أن» المفتوحة عملت وجوبا، ووجب في اسمها وخبرها أربعة أمور]
  ٥٨ - بأنّك ربيع وغيث مريع ... وأنّك هناك تكون الثّمالا
  * * *
= هذا، وقد زعم جماعة من النحاة أن «أن» في هذا البيت مصدرية، وأنها مهملة غير عاملة النصب في الفعل المضارع كما أهملت في قول الشاعر:
أن تقرآن على أسماء ويحكما ... منّي السّلام، وأن لا تشعرا أحدا
وزعم هذا القائل أن هذا جار على لغة بعض العرب؛ إذ يهمل هؤلاء «أن» المصدرية كما يهمل عامتهم ما المصدرية أيضا، وليس هذا الزعم صحيحا، من قبل أنك قد عملت أن «أن» التي تقع بعد ما يفيد العلم هي المؤكدة، وليست هي المصدرية، وذلك فيما استفاض من أقوال النحاة.
٥٨ - هذا البيت من كلمة لجنوب بنت العجلان بن عامر الهذليّة، ترثي فيها أخاها عمرا الملقب بذي الكلب، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ١٤٨) وأنشده الأشموني أيضا (رقم ٢٨١) وقبل البيت المستشهد به قولها:
لقد علم الضّيف والمرملون ... إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا
وقد أنشدنا لك هذين البيتين (ص ١٧٧) وبينا لك ما فيهما.
اللغة: «أنك ربيع» أرادت أنه للضيفان والمرملين بمنزلة الربيع: كثير النفع، وأصل العطاء «وغيث مريع» الغيث: المطر: والمراد به هنا الكلأ الذي ينبت بسبب المطر، ومريع - بفتح الميم، أو ضمها - خصيب «الثمال» بكسر الثاء المثلثة - الذخر والغياث.
المعنى: تمدحه بأنه جواد كريم، وبأنه يعطي المحروم، ويغيث الملهوف.
الإعراب: «بأنك» الباء حرف جر، وأن: مخففة من الثقيلة، والكاف ضمير المخاطب اسم أن، مبني على الفتح في محل نصب «ربيع» خبر أن، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالباء، وهي متعلقة بعلم في البيت السابق «وغيث» الواو عاطفة، وغيث:
معطوف على ربيع «مريع» صفة لغيث «وأنك» الواو عاطفة، وأن: مخففة من الثقيلة أيضا، والكاف ضمير المخاطب اسمها «هناك» هنا: ظرف زمان متعلق بتكون أو بقوله الثمال الآتي؛ لأنه متضمن معنى المشتق، والكاف حرف دال على الخطاب «تكون» فعل مضارع ناقص، مرفوع بالضمة الظاهرة، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «الثمالا» خبر تكون منصوب بالفتحة الظاهرة، وجملة تكون واسمه وخبره في محل خبر أن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور معطوف بالواو على المصدر السابق المجرور بالباء، والتقدير: لقد علم الضيف والمرملون بكونك ربيعا لهم وبكونك سندهم وملجأهم.
الشاهد فيه: قوله «بأنك ربيع ... وأنك تكون الثمالا» حيث خففت أن في الموضعين، وجاء اسمها ضميرا مذكورا في الكلام، وخبرها في الأول مفرد، وهو قولها ربيع، وفي الثاني جملة تكون واسمها وخبرها، وهذا خلاف الأصل الغالب الجاري على ألسنة جمهرة العرب، وإنما أصل الاسم =