شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[من المفعول به المنادى]

صفحة 227 - الجزء 1

  الثانية: أن يكون شبيها بالمضاف، وهو «ما اتّصل به شيء من تمام معناه» وهذا الذي به التمام إما أن يكون اسما مرفوعا بالمنادى كقولك: «يا محمودا فعله» و «يا حسنا وجهه» و «يا جميلا فعله» و «يا كثيرا برّه» أو منصوبا به، كقولك: «يا طالعا جبلا». أو مخفوضا بخافض متعلق به كقولك «يا رفيقا بالعباد» و «يا خيرا من زيد» أو معطوفا عليه قبل النداء كقولك «يا ثلاثة وثلاثين» في رجل سمّيته بذلك⁣(⁣١).


= «وأقبحهم فعلا» وهو تصحيف من النساخ، وقد تكلف له بعض أرباب الحواشي بما لا تقره اللغة ولا العقل السليم؛ كما وقع في نسخة من الشرح «وأفخرهم فعلا» وهو تصحيح للمعنى من غير استناد إلى الرواية.

وبعد كتابة ذلك وجدت (الميداني مجمع الأمثال ١/ ٢٧٣ بتحقيقنا) رواه على ما أثبته، مع بيت لاحق به يؤكد صحة ذلك، وهو قوله:

يدبّ على أحشائها كلّ ليلة ... دبيب القرنبى بات يعلو نقا سهلا

وقد روى أبو العباس المبرد هذين البيتين في الكامل (١/ ٢٨٢) على هذا الوجه الذي أثبتناه.

وقد صححه العلامة السجاعي كما صححناه؛ بالرجوع إلى الرواية، وتشكك في الرواية المتروكة وفي تأويلها كما تشككنا، فللّه الحمد والمنة.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «يا» حرف نداء «عباد» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، وعباد مضاف و «اللّه» مضاف إليه «قلبي» قلب: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقلب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «متيم» خبر المبتدأ «بأحسن» جار ومجرور متعلق بمتيم، وأحسن مضاف و «من» اسم موصول مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «صلى» فعل ماض، مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها صلة «وأقبحهم» الواو حرف عطف، أقبح: معطوف على أحسن، وأقبح مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه «بعلا» تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.

الشاهد فيه: «يا عباد اللّه» حيث ورد المنادى منصوبا لفظا، لكونه مضافا كما هو ظاهر.

(١) بقي عليه من الشبيه بالمضاف الاسم النكرة الذي نعت بجملة أو شبه جملة، نحو قول الشاعر:

ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة اللّه السّلام

ومنه قولهم في الدعاء: «يا عظيما يرجى لكل عظيم» وقولهم «يا حليما لا يعجل» و «يا جوادا لا يبخل» وابن مالك | يجعل هذا نوعا مستقلا، ويسميه الملحق بالشبيه بالمضاف؛ وجعل ابن الحاجب في الإيضاح الاسم الموصول من نوع الشبيه بالمضاف، لأنه شديد الحاجة في تمام معناه إلى الصلة وقد وافقه الرضي على ذلك، ومن نداء الاسم الموصول قول الشاعر:

من اجلك يا الّتي تيّمت قلبي ... وأنت بخيلة بالودّ عنّي

وإنما اشترطوا في نعت النكرة أن يكون جملة أو شبه جملة لأجل اعتبارها من نوع الشبيه بالمضاف، لأنه لو =