[نصب المنادى في ثلاثة أنواع]
  الثالثة: أن يكون نكرة غير مقصودة(١)، كقول الأعمى: «يا رجلا خذ بيدي» وقول الشاعر:
  ٨٣ - فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغا ... نداماي من نجران: أن لا تلاقيا
  * * *
= كان النعت مفردا لكان الأولى اعتبار المنادى نكرة مقصودة معرفة بالنداء، ويجعل الوصف المفرد نعتا له، ويعرف، نحو «يا رجل الظريف» وهذا لا يصح اعتباره في النعت بالجملة وشبهها؛ لأن الجمل بعد المعارف - ومنها المنادى النكرة المقصودة - لا تكون نعتا، بل تكون حالا.
(١) سواء أكانت هذه النكرة غير المقصودة جامدة كمثال الشارح، أم كانت مشتقة كقول الغريق: «يا واقفا أنقذني» فإن اتصل بهذا المشتق شيء صار شبيها بالمضاف نحو قولك «يا واقفا بالشط أنقذني».
٨٣ - هذا البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، من كلمة يقولها وقد أسرته التيم في يوم الكلاب الثاني، وهي من شعر المفضليات، من المفضلية (رقم ٣٠) وقد أنشد البيت المؤلف في شذور الذهب (رقم ٥١) وأنشد صدره في أوضحه (رقم ٤٣٤) وأنشده ابن عقيل (رقم ٣٠٦) والأشموني في باب النداء (رقم ٨٧٢).
اللغة: «عرضت» أتيت العروض، وهو مكة والمدينة وما حولهما، وقيل: هي جبال نجد «نداماي» الندامى: جمع ندمان، وهو النديم، وقيل: هو الجليس والمصاحب «نجران» مدينة بالحجاز من شق اليمن، ويروى «أيا راكبا».
الإعراب: «أيا» أو «يا» حرف نداء «راكبا» منادى، منصوب بالفتحة الظاهرة «إما» كلمة مركبة من إن وما، فإن شرطية، وما زائدة «عرضت» عرض: فعل ماض فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعله «فبلغن» الفاء واقعة في جواب الشرط، بلغ: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب «نداماي» ندامى: مفعول أول لبلغ، منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وندامى مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على الفتح في محل جر «من» حرف جر «نجران» مجرور بمن، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من نداماي «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف؛ والتقدير: أنه، أي: الحال والشأن «لا» نافية للجنس تعمل عمل إن «تلاقيا» اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب، والألف للإطلاق، وخبر لا محذوف وتقديره: لا تلاقي لنا، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل رفع خبر أن المخففة، وأن المخففة وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب مفعول ثان لبلغ.
الشاهد فيه: قوله «أيا راكبا» حيث جاء بالمنادى منصوبا لفظا؛ لكونه نكرة غير مقصودة؛ فأنت خبير بأنه لا يريد راكبا بعينه؛ وفي هذا رد على من أنكر وجود هذا النوع من المنادى.