شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الندبة: معنى المندوب]

صفحة 247 - الجزء 1

  والثاني: أن لا تدخل عليه اللام من أوله، ولا تلحقه الألف من آخره، وحينئذ يجري عليه حكم المنادى؛ فتقول على ذلك: «يا زيد لعمرو» بضم زيد، و «يا عبد اللّه لزيد» بنصب عبد اللّه، قال الشاعر:

  ٩٧ - ألا يا قوم للعجب العجيب ... وللغفلات تعرض للأريب

  * * * ص - والنّادب: وا زيدا، وا أمير المؤمنينا، وا رأسا، ولك إلحاق الهاء وقفا.

[الندبة: معنى المندوب]

  ش - المندوب: هو المنادى المتفجّع عليه⁣(⁣١) أو المتوجّع منه.

  فالأول كقول الشاعر يرثي عمر بن عبد العزيز ¥:


٩٧ - وهذا الشاهد مما لم أعثر له على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٥٠).

اللغة: «الغفلات» جمع غفلة، وهي إهمال الأمر، وترك الأخذ باليقظة والتنبه للحوادث «الأريب» العاقل المجرب العالم بعواقب الأمور.

المعنى: يدعو قومه ليتدبروا في العواقب، ويتنبهوا لما يجري من الأمور، ويعجبهم أشد العجب من غفلة العاقل المجرب عن عقبى الأمور، مع علمه بما يترتب على ذلك من انتقاض الأمور وفسادها.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح وتنبيه «يا» حرف نداء واستغاثة «قوم» منادى مستغاث به، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها لأجل مناسبة ياء المتكلم المحذوفة اكتفاء بكسر ما قبلها، ويجوز أن يكون مبنيا على الضم في محل نصب «للعجب» جار ومجرور متعلق بفعل محذوف، والتقدير: أدعوكم للعجب «العجيب» صفة للعجب «وللغفلات» الواو حرف عطف، للغفلات: جار ومجرور معطوف على الجار والمجرور السابق «تعرض» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الغفلات، والجملة من الفعل والفاعل في محل جر صفة للغفلات، أو في محل نصب حال منه «للأريب» جار ومجرور متعلق بتعرض.

الشاهد فيه: قوله «يا قوم» حيث استعمل المستغاث به استعمال المنادى؛ فلم يلحق به اللام في أوله ولا الألف في آخره، وهذا الاستعمال أقل الاستعمالات الثلاثة.

(١) إنما يتفجع على المندوب لفقده، وفقده قد يكون حقيقة، ومثاله بيت الشاهد فإنه قيل في رثاء أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فهو مفقود حقيقة، وقد يكون فقده حكما، ومثاله قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ¥ وقد أخبر بجدب شديد أصاب قوما من المسلمين «وا عمراه» يقوله متفجعا على نفسه لأنه غير قادر على إغاثتهم فكأنه مفقود.