شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أحكام اسم الفعل]

صفحة 289 - الجزء 1

  ١١٧ - وقولي كلّما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي

  ف «مكانك» في الأصل ظرف مكان، ثم نقل عن ذلك المعنى، وجعل اسما للفعل،


١١٧ - هذا الشاهد من كلام عمرو بن زيد مناة، وهو المعروف بعمرو بن الإطنابة، والإطنابة أمه، وقد أنشد المؤلف هذا البيت في أوضحه (رقم ٥٠٤) وأنشده في شذور الذهب (رقم ١٧٤) وقال قبل إنشاده: «وغلط أبو عبيدة فنسبه إلى قطري بن الفجاءة» اه. وقد أنشد البيت في مغني اللبيب أيضا (رقم ٣٣٦) وأنشده الأشموني أيضا (رقم ١٠٤٠) هذا، وقبل البيت الشاهد قول الشاعر:

أبت لي عفّتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثّمن الرّبيح

وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح

اللغة: «جشأت» الحديث عن نفسه، وجشوءها: نهوضها، وثورانها من فزع أو حزن «جاشت» غلت من الفزع أو الحزن، ومعناه قريب من المعنى الأول «تحمدي» يحمدك الناس ويشكروا لك الثبات «تستريحي» تطمئن خوالجك وتسكن ثورتك.

الإعراب: «وقولي» الواو حرف عطف، قول: معطوف على فاعل أبى في البيت السابق على بيت الشاهد، وقد ذكرناه في نسبة الشاهد، فهو مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وقول مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «كلما» ظرف متعلق بالمصدر الذي قبله «جشأت» جشأ: فعل ماض، والتاء للتأنيث «وجاشت» الواو عاطفة، جاش: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث «مكانك» مكان: اسم فعل أمر بمعنى اثبتي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والكاف حرف دال على الخطاب، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «تحمدي» فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم في جواب الأمر، وعلامة جزمه حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة نائب فاعل مبني على السكون في محل رفع «أو» حرف عطف «تستريحي» فعل مضارع معطوف على المضارع السابق، والمعطوف على المجزوم مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعله.

الشاهد فيه: قوله «مكانك تحمدي» حيث جزم «تحمدي» في جواب اسم الفعل الدال على الأمر، وعلامة كونه مجزوما حذف النون منه، وليس بين العلماء خلاف في جواز جزم المضارع، بعد اسم فعل الأمر إذا سقطت الفاء، كما هنا، فتأمل ذلك.

واسم الفعل الذي في هذا البيت هو قوله: «مكانك» وهو منقول عن ظرف المكان، ومتصل بضمير المخاطب على ما هو الغالب الكثير في اسم الفعل المنقول، وستعرف لهذا الكلام بقية.

وقولنا إن الكاف ضمير المخاطب هو رأي جمهور النحاة، وذهب قوم منهم ابن بابشاذ إلى أن الكاف حرف خطاب مثل الكاف التي تلحق أسماء الإشارة نحو ذلك وتلك وأولئك، والقائلون بأنها ضمير المخاطب قد اختلفوا في موضعه من الإعراب، فقيل: في محل نصب، وقيل: في محل رفع، وقيل: في محل جر، وبيان هذه الأقوال وتوجيهها مما لا يحتمله هذا المختصر.