شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أحكام اسم الفعل]

صفحة 288 - الجزء 1

  ١١٦ - واها لسلمى ثمّ واها واها ... يا ليت عيناها لنا وفاها

  ومن أحكام اسم الفعل: أنه لا يتأخر عن معموله؛ فلا يجوز في «عليك زيدا» بمعنى الزم زيدا، أن يقال: زيدا عليك، خلافا للكسائي، فإنه أجازه محتجّا عليه بقوله تعالى:

  {كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣١) زاعما أن معناه: عليكم كتاب اللّه، أي الزموه. وعند البصريين أن {كِتابَ اللَّهِ} مصدر محذوف العامل و {عَلَيْكُمْ} جار ومجرور متعلق به أو بالعامل المقدّر، والتقدير كتب اللّه ذلك عليكم كتابا، ودلّ على ذلك المقدّر قوله تعالى:

  {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ}⁣(⁣٢) لأن التحريم يستلزم الكتابة.

[أحكام اسم الفعل]

  ومن أحكامه: أنه إذا كان دالا على الطلب جاز جزم المضارع في جوابه، تقول:

  «نزال نحدّثك» - بالجزم - كما تقول: «انزل نحدّثك»، وقال الشاعر:


١١٦ - نسب جماعة هذا البيت لرؤبة بن العجاج، ونسبه آخرون لأبي النجم الفضل بن قدامة العجلي، وروى أبو زيد الأنصاري في نوادره أكثر الأبيات التي يروونها مع بيت الشاهد، ونسبها لأبي الغول الطهوي بعض أهل اليمن، وقد أنشد المؤلف بيت الشاهد في أوضحه (رقم ٤٦١) والأشموني في باب أسماء الأفعال والأصوات.

اللغة: «واها» معناها أعجب «عيناها» جاء به على لغة قوم من العرب يلزمون المثنى الألف في الأحوال كلها، ووقع في بعض نسخ الشرح «يا ليت عينيها» وهو صحيح، بل هو اللغة الفصحى، غير أن جمهرة الرواة متفقون على روايته بالألف.

الإعراب: «واها» اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «لسلمى» جار ومجرور متعلق باسم الفعل «ثم» حرف عطف «واها» اسم فعل كالسابق «واها» توكيد لاسم الفعل الذي قبله «يا» حرف تنبيه، أو حرف نداء، والمنادى به محذوف، والتقدير: يا هؤلاء، مثلا «ليت» حرف تمن ونصب «عيناها» عينا: اسم ليت منصوب بها، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وعينا مضاف وضمير الغائبة العائد إلى سلمى مضاف إليه «لنا» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليت «وفاها» الواو حرف عطف، فا: معطوف على اسم ليت، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، وفا مضاف وضمير الغائبة العائد إلى سلمى مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «واها» في المواضع الثلاثة؛ فإنه اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، مثل وي ومثل وا، وقد رفع ضميرا مستترا فيه وجوبا تقديره أنا، كما بيناه في إعراب البيت.

(١) من الآية ٢٤ من سورة النساء.

(٢) من الآية ٢٣ من سورة النساء.