[شروط إعماله]
  وكيف التّوقّي ظهر ما أنت راكبه ...
  ش - النوع الثاني من الأسماء العاملة عمل الفعل: المصدر.
  وهو: «الاسم، الدالّ على الحدث، الجاري على الفعل، كالضّرب والإكرام».
[شروط إعماله]
  وإنما يعمل بثمانية شروط:
  (١) أحدها: أن [يصح أن] يحل محلّه فعل مع «أن» أو فعل مع «ما». فالأول كقولك:
  «أعجبني ضربك زيدا»، و «يعجبني ضربك عمرا» فإنه يصح أن تقول مكان الأول:
  أعجبني أن ضربت زيدا، ومكان الثاني: يعجبني أن تضرب عمرا.
  والثاني نحو: «يعجبني ضربك زيدا الآن» فهذا لا يمكن أن يحلّ محلّه «أن ضربت» لأنه للماضي، ولا «أن تضرب» لأنه للمستقبل، ولكن يجوز أن تقول في مكانه «ما تضرب» وتريد بما المصدرية مثلها في قوله تعالى: {بِما رَحُبَتْ ...}(١) وقوله تعالى: {وَدُّوا ما عَنِتُّمْ}(٢) أي: برحبها، وعنتكم.
  ولا يجوز في قولك «ضربا زيدا» أن تعتقد أن «زيدا» معمول لضربا، خلافا لقوم من النحويين؛ لأن المصدر هنا إنما يحل محلّه الفعل وحده بدون أن، وما، تقول: اضرب زيدا، وإنما «زيدا» منصوب بالفعل المحذوف الناصب للمصدر، ولا يجوز في نحو:
  «مررت بزيد فإذا له صوت صوت حمار» أن تنصب «صوت» الثاني بصوت الأول؛ لأنه لا يحلّ محلّ الأول فعل لا مع حرف مصدري ولا بدونه؛ لأن المعنى يأبى ذلك، لأن المراد أنك مررت به وهو في حالة تصويته، لا أنه أحدث التصويت عند مرورك به.
  (٢) الشّرط الثاني: أن لا يكون مصغّرا(٣)، فلا يجوز «أعجبني ضريبك زيدا»، ولا
(١) من كل من الآيتين ٢٥، ١١٨ من سورة التوبة.
(٢) من الآية ١١٨ من سورة آل عمران.
(٣) اعلم أولا أن النحاة قد اختلفوا في تعليل إعمال المصدر؛ فذهب فريق منهم إلى أن العلة هي شبه المصدر بالفعل في المعنى، وذلك لاشتراكهما في الدلالة على الحدث، وذهب فريق آخر إلى أن العلة هي كون المصدر أصلا للفعل في الاشتقاق؛ فإن ذهبنا إلى أن المصدر إنما عمل لشبهه بالفعل في المعنى - وهو الدلالة على الحدث - كان السر في عدم إعمال المصدر المصغر هو أن التصغير من خصائص الأسماء، فإذا كان الاسم مصغرا بعد من الفعل، وإذا ذهبنا إلى أن المصدر إنما عمل بسبب كونه الأصل الذي أخذ منه الفعل كان السر في عدم إعمال المصدر المصغر هو أن هذه الصيغة المصغرة ليست هي الصيغة التي أخذ منها الفعل، فافهم ذلك وتدبره.