[اسم الفاعل، وشروط إعماله]
  وذلك لأن «بنو لهب» فاعل بخبير، مع أن خبيرا لم يعتمد، وأجيب: بأنّا نحمله على التقديم والتأخير، فبنو لهب: مبتدأ، وخبير: خبره، وردّ: بأنه لا يخبر بالمفرد عن الجمع، وأجيب: بأنّ فعيلا قد يستعمل للجماعة، كقوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ
= اللغة: «خبير» هو من الخبرة، وهي العلم بالشيء ومعرفته «بنو لهب» جماعة من بني نصر بن الأزد، يقال: إنهم أزجر قوم، وهم بنو لهب بن أحجن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد اللّه بن نصر بن الأزد، وفيهم يقول كثير عزة:
تيمّمت لهبا أبتغي العلم عندها ... وقد صار علم العائفين إلى لهب
«ملغيا» اسم فاعل من الإلغاء، بمعنى مهمل.
المعنى: إن بني لهب عالمون بالزجر والعيافة، فإذا قال أحدهم كلاما فصدقه، ولا تهمل ما يذكره لك إن زجر أو عاف.
الإعراب: «خبير» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «بنو» فاعل بخبير سد مسد الخبر، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وبنو مضاف و «لهب» مضاف إليه، هذا إعراب الأخفش، وستعرف ما فيه «فلا» الفاء حرف دال على التفريع، لا ناهية «تك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ملغيا» خبر تك، منصوب بالفتحة الظاهرة، وفيه ضمير مستتر هو فاعله «مقالة» مفعول به لقوله ملغيا، ومقالة مضاف و «لهبيّ» مضاف إليه «إذا» ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه «الطير» فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، والتقدير: إذا مرت الطير، والجملة من الفعل المحذوف والفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها «مرت» مر: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الطير، والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة، وجواب إذا محذوف يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: إذا مرت الطير فلا تك ملغيا مقالة لهبيّ.
الشاهد فيه: قوله «خبير بنو لهب» فإن الأخفش زعم أن قوله «خبير» مبتدأ، وأن قوله «بنو لهب» فاعل سد مسد الخبر، واستدل بذلك على أن الوصف يعمل عمل الفعل فيرفع الفاعل أو نائب الفاعل وإن لم يسبقه نفي أو استفهام.
والجمهور على اشتراط أن يسبقه النفي أو الاستفهام، ولذلك لم يرتضوا هذا الإعراب الذي ذكره الأخفش، وقالوا: إن قوله «خبير» خبر مقدم، وقوله «بنو لهب» مبتدأ مؤخر، والأصل: بنو لهب خبير؛ واعترض عليهم أنصار الأخفش بأن قوله «بنو لهب» جمع، و «خبير» مفرد؛ فلزم الإخبار بالمفرد عن الجمع في قول الجمهور، وذلك لا يجوز، والجواب على ذلك أن نقول: إن صيغة فعيل ربما استعملت للمفرد والمثنى والجمع بلفظ واحد، فأخبر بها عن كل واحد منها، وقد ورد ذلك صريحا في نحو قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ}، وفي نحو قول الشاعر:
... هن صديق للذي لم يشب ...
فسقط هذا الاعتراض، وسلم قول الجمهور، وقد أشار الشارح إلى كل ذلك.