شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[تخالف الصفة المشبهة اسم الفاعل من خمسة أوجه]

صفحة 309 - الجزء 1

[تخالف الصفة المشبهة اسم الفاعل من خمسة أوجه]

  لإفادة معنى الحدوث، وأعني بذلك أنها تفيد أن الحسن في المثال المذكور ثابت لوجه الرجل، وليس بحادث متجدّد، وهذا بخلاف اسمي الفاعل والمفعول، فإنهما يفيدان الحدوث والتجدّد، ألا ترى أنك تقول: «مررت برجل ضارب عمرا» فتجد «ضاربا» مفيدا لحدوث الضرب وتجدّده، وكذلك «مررت برجل مضروب».

  وإنما سميت هذه الصفة مشبهة لأنها كان أصلها أنها لا تنصب، لكونها مأخوذة من فعل قاصر، ولكونها لم يقصد بها الحدوث، فهي مباينة للفعل، لكنها أشبهت اسم الفاعل، فأعطيت حكمه في العمل، ووجه الشبه بينهما أنها تؤنّث وتثنّى وتجمع؛ فتقول:

  «حسن، وحسنة، وحسنان، وحسنتان، وحسنون، وحسنات» كما تقول في اسم الفاعل:

  «ضارب، وضاربة، وضاربان، وضاربتان، وضاربون، وضاربات» وهذا بخلاف اسم التفضيل كأعلم وأكثر؛ فإنه لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنث، أي: في غالب أحواله؛ فلهذا لا يجوز أن يشبّه باسم الفاعل.

  وقولي: «المتعدّي إلى واحد» إشارة إلى أنها لا تنصب إلا اسما واحدا.

  ولم تشبّه باسم المفعول لأنه لا يدلّ على حدث وصاحبه كاسم الفاعل؛ ولأن مرفوعها [فاعل] كاسم الفاعل، ومرفوعه نائب فاعل.

  * * * واعلم أن الصفة المشبهة تخالف اسم الفاعل في أمور⁣(⁣١):

  (١) أحدها: أنها تارة لا تجري على حركات المضارع وسكناته، وتارة تجري.

  فالأول: ك «حسن، وظريف» ألا ترى أنهما لا يجاريان يحسن ويظرف.

  والثاني نحو: «طاهر، وضامر» ألا ترى أنهما يجاريان يطهر ويضمر.

  والقسم الأول هو الغالب، حتى إن في كلام بعضهم أنه لازم وليس كذلك.


(١) ومن وجوه مفارقة الصفة المشبهة لاسم الفاعل ما ذكرناه فيما سبق، من أن الصفة المشبهة لا تصاغ إلا من مصدر الفعل اللازم، نحو شجاع وحسن، أما اسم الفاعل فيصاغ من مصدر اللازم كداخل وجالس وقاعد، ومن مصدر المتعدي كضارب وآكل.