شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[تخالف الصفة المشبهة اسم الفاعل من خمسة أوجه]

صفحة 310 - الجزء 1

  ونبّهت على أن عدم المجاراة هو الغالب بتقديمي مثال ما لا يجاري، وهذا بخلاف اسم الفاعل؛ فإنه لا يكون إلا مجاريا للمضارع كضارب فإنه مجار ليضرب.

  فإن قلت: هذا منتقض بداخل ويدخل، فإن الضمة لا تقابل الكسرة.

  قلت: المعتبر في المجاراة تقابل حركة، بحركة، لا حركة بعينها.

  فإن قلت: كيف تصنع بقائم ويقوم، فإن ثاني قائم ساكن، وثاني يقوم متحرك؟

  قلت: الحركة في ثاني يقوم منقولة من ثالثه، والأصل يقوم كيدخل؛ فنقلت [الضمّة] لعلة تصريفية⁣(⁣١).

  (٢) الثاني: أنها تدلّ على الثبوت، واسم الفاعل يدلّ على الحدوث.

  (٣) الثالث: أن اسم الفاعل يكون للماضي وللحال وللاستقبال، وهي لا تكون للماضي المنقطع، ولا لما لم يقع، وإنما تكون للحال الدائم، وهذا هو الأصل في باب الصفات.

  وهذا الوجه ناشئ عن الوجه الثاني، والأوجه الثلاثة مستفادة مما ذكرت من الحدّ، ومن الأمثلة.

  (٤) الرابع: أن معمولها لا يتقدّم عليها؛ لا تقول: «زيد وجهه حسن» بنصب الوجه، ويجوز في اسم الفاعل أن تقول: «زيد أباه ضارب» وذلك لضعف الصفة؛ لكونها فرعا عن فرع؛ فإنها فرع عن اسم الفاعل الذي هو فرع عن الفعل، بخلاف اسم الفاعل فإنه قوي؛ لكونه فرعا من أصل وهو الفعل.

  (٥) الخامس: أن معمولها لا يكون أجنبيا، بل سببيّا، ونعني بالسببي واحدا من أمور ثلاثة:

  الأول: أن يكون متصلا بضمير الموصوف، نحو: «مررت برجل حسن وجهه».

  الثاني: أن يكون متصلا بما يقوم ضميره، نحو: «مررت برجل حسن الوجه» لأن


(١) استثقلت الضمة على الواو في «يقوم» فنقلت الضمة إلى الحرف الساكن الصحيح، فصار «يقوم» بضم القاف، ومثله يؤول ويسوغ ويجوز ويصول ويهول، وكذلك كل فعل أجوف - أي أن عينه معتلة - واويا كان، ويكون من باب نصر كهذه الأمثلة، أو يائيا ويكون من باب ضرب مثل يبيع ويصير ويميل ويسير ويعيب.