[الكلام على المعنوي: ألفاظه، ومواقعها]
  أحدها: أن يكون المؤكد بها غير مثنى - وهو المفرد والجمع -.
  الثاني: أن يكون متجزئا بذاته، أو بعامله؛ فالأول كقوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}(١). والثاني كقولك: «اشتريت العبد كلّه» فإن العبد يتجزّأ باعتبار الشّراء، وإن كان لا يتجزّأ باعتبار ذاته، ولا يجوز «جاء زيد كلّه» لأنه لا يتجزّأ، لا بذاته، ولا بعامله.
  الثالث: أن يتصل بها ضمير عائد على المؤكّد، فليس من التأكيد قراءة بعضهم {إِنَّا كُلٌّ فِيها}(٢) خلافا للزمخشري والفرّاء.
  ومنها: «كلا، وكلتا» وهما بمنزلة كلّ في المعنى، تقول: «جاء الزّيدان» فيحتمل مجيئهما [معا] وهو الظاهر، ويحتمل مجيء أحدهما، وأن المراد أحد الزيدين، كما قالوا في قوله تعالى: {لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}(٣): إن معناه على رجل من إحدى القريتين، فإذا قيل: «كلاهما» اندفع الاحتمال.
  وإنما يؤكّد بهما بشروط:
  أحدها: أن يكون المؤكّد بهما دالّا على اثنين.
  الثاني: أن يصحّ حلول الواحد محلّهما؛ فلا يجوز على المذهب الصحيح أن يقال:
  «اختصم الزّيدان كلاهما» لأنه لا يحتمل أن يكون المراد «اختصم أحد الزّيدين» فلا حاجة للتأكيد.
  الثالث: أن يكون ما أسندته إليهما غير مختلف في المعنى، فلا يجوز «مات زيد وعاش عمرو كلاهما».
  الرابع: أن يتّصل بهما ضمير عائد على المؤكد بهما.
  * * *
(١) من الآية ٣٠ من سورة الحجر.
(٢) من الآية ٤٨ من سورة غافر.
(٣) من الآية ٣١ من سورة الزخرف، ونظير ما قالوه في هذه الآية قالوه في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ.}