[البدل: معناه، أقسامه]
  كل، وقد استعمله الزجاجيّ في جمله، واعتذر عنه بأنه تسامح فيه موافقة للناس(١).
  والثاني: بدل بعض من كل(٢)، وضابطه: أن يكون الثاني جزءا من الأول كقولك:
  «أكلت الرّغيف ثلثه»، وكقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(٣)، فمن استطاع: بدل من الناس، هذا هو المشهور؛ وقيل فاعل بالحج، أي:
  وللّه على الناس أن يحجّ مستطيعهم.
  وقال الكسائي: إنها شرطية مبتدأ، والجواب محذوف، أي: من استطاع فليحجّ، ولا حاجة لدعوى الحذف مع إمكان تمام الكلام؛ والوجه الثاني يقتضي أنه يجب على جميع الناس أن مستطيعهم يحجّ، وذلك باطل باتفاق، فيتعين القول الأول.
  وإنما لم أقل «البعض» - بالألف واللام - لما قدّمت في كلّ.
  والثالث: بدل الاشتمال، وضابطه: أن يكون بين الأول والثاني ملابسة بغير الجزئية، كقولك: «أعجبني زيد علمه» وقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ}(٤).
  ونبهت بالتمثيل بالآيات الثلاث على أن البدل والمبدل منه يكونان نكرتين، نحو [قوله تعالى]: {مَفازاً حَدائِقَ}، ومعرفتين مثل الناس ومن، ومختلفين مثل الشهر وقتال.
(١) وقد وقع المصنف في هذا الذي فر منه هنا، وذلك في كلامه على التوكيد بكل، ونبهنا عليه هناك.
(٢) إن قلت: هل يجب في بدل بعض من كل أن يضاف البدل إلى ضمير يعود إلى المبدل منه ليكون رابطا للبدل بالمبدل منه؟
فالجواب عن ذلك أن أكثر النحويين ذهبوا إلى أنه لا بد في هذا النوع من البدل أن يضاف إلى ضمير المبدل منه، فإن لم يكن في الكلام ضمير قدر الضمير، فمثال ما ذكر معه الضمير قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ} ومثال ما لم يذكر معه الضمير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فمن استطاع: بدل من الناس، ولا ضمير معه في اللفظ، وتقديره: من استطاع منهم، واختلفت كلمة ابن مالك، فذكر في التسهيل أنه لا بد من الضمير أو ما يقوم مقامه كالألف واللام، وقال في شرح الكافية: الصحيح أنه لا يشترط، لكن وجوده أكثر من عدمه.
(٣) من الآية ٩٧ من سورة آل عمران.
(٤) من الآية ٢١٧ من سورة البقرة.