شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الوقف على الاسم المنصوب المنون]

صفحة 365 - الجزء 1

[الوقف على الاسم المنصوب المنون]

  الثالثة: تنوين الاسم المنصوب، نحو «رأيت زيدا» هذا وقف عليه العرب بالألف، إلا ربيعة فإنهم وقفوا على نحو: «رأيت زيدا» بالحذف قال شاعرهم:

  ١٥٠ - ألا حبّذا غنم وحسن حديثها ... لقد تركت قلبي بها هائما دنف

  * * *


= للوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون المنقلبة ألفا لأجل الوقف حرف لا محل له من الإعراب.

الشاهد فيه: قوله «اعبدا» فإن أصله «اعبدن» بنون التوكيد الخفيفة؛ فلما أراد الوقف قلب هذه النون ألفا.

١٥٠ - لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين.

اللغة: «حبذا» كلمة تقال عند إرادة المدح، وأصلها مركبة من «حب» الذي هو فعل ماض، و «ذا» الذي هو اسم إشارة، وقد اختلف النحاة فيها بعد التركيب؛ فقيل: هي الآن كلمتان، وقيل: هي كلمة واحدة، والذين قالوا إنها كلمة واحدة اختلفوا، فمنهم من قال: هي فعل ماض تغليبا لصدرها، ومنهم من قال: هي اسم، تغليبا لعجزها، فأما الذين قالوا هي كلمتان فقد جعلوا «حبذا» فعلا وفاعلا والجملة خبر مقدم، والمرفوع بعدها مبتدأ، وأما الذين قالوا هي فعل فقد جعلوا الاسم المرفوع بعدها فاعلا، وأما الذين قالوا هي اسم فقد جعلوها مبتدأ والاسم المرفوع بعدها خبرا، وكأنه قد قيل: الممدوح - أو المحبوب - غنم «هائما» اسم فاعل فعله قولك: هام فلان على وجهه يهيم، إذا كان لا يدري أين يتوجه و «دنف» صفة مشبهة من الدنف - بفتح الدال والنون جميعا - وهو المرض، وفعله من باب فرح يفرح.

الإعراب: «ألا» حرف يستفتح به بالكلام وينبه به المخاطب، إذا كان ما بعده من الكلام مما يستدعي الاهتمام ولو ادعاء، مبني على السكون لا محل له من الإعراب «حبذا» حب: فعل ماض دال على المدح، وذا: فاعل حب، والجملة في محل رفع خبر مقدم «غنم» مبتدأ مؤخر «وحسن» معطوف على غنم، وحسن مضاف وحديث من «حديثها» مضاف إليه، وحديث مضاف وضمير الغائبة العائد إلى غنم مضاف إليه «لقد» اللام موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق «تركت» ترك: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى غنم «قلبي»: قلب: مفعول به لترك، وقلب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «بها» جار ومجرور متعلق بقوله هائما الآتي «هائما» حال من قلبي منصوب بالفتحة الظاهرة «دنف» صفة لهائما، أو حال ثانية من قلبي منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها سكون الوقف.

الشاهد فيه: قوله «دنف» فإن موضع هذه الكلمة نصب؛ لكونها حالا أو نعتا للاسم المنصوب، على ما قررناه في الإعراب، ولكن الشاعر وقف عليها بالسكون، وهذه لغة ربيعة، وليست لغة جمهرة العرب، وإنما يقف جمهور العرب على المنصوب المنون بالألف.